نفحات إيمانية ومع إياكم من الزواج ثم الطلاق ” جزء 2 ”

نفحات إيمانية ومع إياكم من الزواج ثم الطلاق ” جزء 2 ”
ونكمل الجزء الثانى مع إياكم من الزواج ثم الطلاق، وتوقفنا مع مشكلة المغالاة وربما حملته أمها على المغالاة، فالحاصل أن هذا مطلوب من الجميع، فهو مطلوب من الأم والخالة والبنت نفسها، ومطلوب من الأب، ومطلوب من الإخوة، ومطلوب من الأجداد، فكلهم يتعاونون في تسهيل المهور وعدم المغالاة حتى يتيسر تزويج قريباتهن، أما مع المغالاة فإن البنت تبقى حبيسة البيت، ولا يتقدم لها إلا القليل من الناس، وليس كل واحد عنده القوة على المهر المرتفع، ثم هذا لا ينبغي لأن المغالاة في المهور تفضي إلى فساد كبير، فتفضى إلى تعطيل البنات والأخوات، وتعطيل الشباب، والوقوع في الفواحش، هذا كله شره عظيم وعاقبته وخيمة، وكذلك الولائم ينبغي ألا يعني يتنافس فيها.
فبدل ما يذبح من الذبائح الكثير، فإنه يكتفي بواحدة، وأنه بدل ما يدعو مائة أو مائتين من أقاربه فإنه يدعو خمسة، أو عشرة من أقاربه الأدنين ويكتفي بذلك حتى تكون النفقة أقل، وحتى يستطيع أن يتقدم للزواج، ولكن إذا ذكر أن هناك ولائم تحتاج إلى ألوف من الناس مع مغالاة المهر، فإن هذا كله يسبب تعطيل الرجل وتعطيل البنت جميعا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فنصيحتي لجميع المسلمين من الرجال والنساء عدم المغالاة في المهور وعدم التكلف تسهيلا للزواج لعفة الرجال والنساء جميعا، فهذه نصيحتي لهم، وقد جاءت الأحاديث والآثار عن السلف بالدلالة على ذلك فالسنة للمؤمن عدم المغالاة، وعلى أولياء الأمور أن يتقوا الله في هذا الأمر وأن يحرصوا على تزويج بنيهم وبناتهم.
بالطرق الممكنة الميسرة التي ليس فيها ضرر على الجميع، والأوقات تختلف، ولكن يتحرون المهر المناسب الذي يحصل به المطلوب من دون مشقة على الزوج، لأن كثيرا من الناس قد يتأخر عن الزواج بسبب المغالاة فلا يقدر، وربما تعطل كثير من النساء بسبب ذلك وحصل من الفساد ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، فالمشروع للجميع العناية بهذا الأمر، فعلى الرجل أن يعتني وعلى المرأة أن تعتني، فالرجل يعتني ويحرص على التخفيف والتيسير لتزويج بناته وأخواته وغيرهم، والنصيحة لهن في ذلك، والمرأة كذلك تتقي الله، وتحرص على التخفيف مع بنتها ومع أختها ومع قريباتها حتى يتعاون الجميع على التخفيف والتيسير.
وبهذا يتيسر الزواج لجميع الشباب من الرجال والنساء، ولا يخفى أن وجود الزواج مع المئونة القليلة خير من تعطيل الرجل أو تعطيل المرأة، كونها تتزوج ويعفها الرجل بمهر مناسب ليس فيه تكلف خير لها في الدنيا والآخرة، وهكذا الرجل كونه يتزوج ويتيسر له المرأة المناسبة من دون تكلف خير له في الدنيا والآخرة، فالجميع عليهم التعاون والتواصي بهذا الأمر لعل الله جل وعلا يكتب لذلك النجاح، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن أعظم النكاح بركة أيسرهن مئونة” وخفف ولا تسرف فقال صلى الله عليه وسلم ” يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا” وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم.
فيسروا على عباد الله، وارحموا شباب الأمة يرحمكم الله، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وارحموا الشباب والفتيات، يسروا لهم أمر الزواج، وخففوا عليهم عبء الزواج، أما تعلمون أن رسولكم الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد زوج رجلا بما معه من القرآن الكريم، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال ” جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله، إني وهبت نفسي لك” وهنا نجد أن امرأة وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وحده دون غيره من سائر الأمة، قال ” فقامت المرأة قياما طويلا، فقال رجل يا رسول الله، زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة.