نفحات إيمانية ومع ذى القرنين وبناء الأوطان “جزء 10”

نفحات إيمانية ومع ذى القرنين وبناء الأوطان “جزء 10”
عزيزى القارئ ونكمل الجزء العاشر مع ذى القرنين وبناء الأوطان، وذى القرنين قيل كان اسمه مرزبى بن مرذبة، وذكر الدارقطني وابن ماكولا أن اسمه هرمس، ويقال هرديس بن فيطون بن رومي بن لنطي بن كسلوجين بن يونان بن يافث بن نوح، وقيل إنه أفريدون بن أسفيان، الذي قتل الملك الضحاك، وقال أبو جعفر الطبري “وكان الخضر في أيام أفريدون الملك بن الضحاك في قول عامة علماء أهل الكتاب الأول، وقيل موسى بن عمران عليهما السلام وقيل إنه كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان على أيام نبى الله إبراهيم الخليل وإن الخضر بلغ مع ذي القرنين أيام مسيره في البلاد نهر الحياة فشرب من مائه وهو لا يعلم به ذو القرنين.
ولا من معه فخلد وهو حي عندهم إلى الآن، وقال آخرون إن ذا القرنين الذي كان على عهد نبى الله إبراهيم الخليل هو أفريدون بن الضحاك وعلى مقدمته كان الخضر وهذا الرأي ضعيف” وقد ذكر أيضا ابن هشام هذا القول غير جازما به أنه أحد ملوك حمير التبابعة في كتابه التيجان، وأبو الريحان البيروني في كتابه الآثار الباقية عن القرون الخالية، وأجزم بهذا القول نشوان الحميري في كتبه “شمس العلوم” وكتاب “خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة” وقد جاء في بعض أشعار الحميريين تفاخرهم بجدهم ذي القرنين، ولكن أنكر عدد من المؤرخين هذه الأقوال، وذكروا أن الأشعار التي تذكر ذا القرنين وأنه من حمير غير مسندة.
وقد تكون كتبت بعد الإسلام، وأن الأخبار عن ملوك حمير أشبه بالأقاصيص الموضوعة ولا دليل قوي عليها، وقيل أن ذو القرنين ما هو إلا أخناتون ذلك الملك الفرعوني الداعي للتوحيد، ولقد جاءت في سورة الكهف قصة رجل آتاه الله مُلكا عظيما، وطاف مشارق الأرض ومغاربها، ومع ما كان فيه من قوة وسلطان، فإنه كان حاكما عادلا، يعاقب الظالم ويكافئ الصالح، هو الملك ذو القرنين، وأرجع مفسرون وعلماء سبب نزول القصة، أن المشركين أو بعضا من أهل الكتاب طلبوا من المشركين أن يتحدوا، رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذكر لهم قصة “ذي القرنين” ولم تكن معروفة في مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم.
فأنزل الله تعالى هذه الآيات من سورة الكهف، تقص علينا قصة رجل آتاه الله ملكا عظيما، وطاف مشارق الأرض ومغاربها، ومع ما كان فيه من قوة وسلطان، فإنه كان حاكما عادلا، يعاقب الظالم ويكافئ الصالح، ويحكي القرآن قصة بنائه لسد يمنع عدوان يأجوج ومأجوج المفسدين في الأرض، ولقد اختلف المفسرون كثيرا في تحديد شخصية ذي القرنين، وقد رجح بعضهم أن يكون “قورش” ملك فارس، كما اختلفوا في تحديد المقصود بيأجوج ومأجوج، ولكن الأمر المقصود في هذه الآيات التي تتحدث عن شخصية ذي القرنين، يكمن في كونها دليلا إضافيا على صدور هذا القرآن عن الله عز وجل بإخباره عن قصص لا يعلمها أحد وقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا من لهم علم بالكتب السابقة، ومن لهم علم بها هم الذين تحدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلوا بذلك إلى القول باختلاق القرآن من قبله صلى الله عليه وسلم إذا لم يستطع الإجابة كما كانوا يتوقعون، فلما نزل الجواب من عند الله عز وجل، كان هذا دليلا على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن هذه الرسالة من عند الله سبحانه وتعالى، ومن دلالات هذه القصة أيضا هو ذكرها نموذجا للحاكم العادل الرشيد، الحاكم الذي يذكر ربه دائما، ولا ينسب أفعاله إلى نفسه، بل ينسبها إلى الله عز وجل كما فعل ذو القرنين عند بناء السد، فكان حاكما صالحا عمل على إصلاح مجتمعه وحمايته من فساد المفسدين.