باسم منير يشيد بسيمون، وسيمون ترد بتصريح مؤثّر يفيض بالمحبة

عندما يتلاقى الإبداع مع الوفاء: باسم منير يشيد بسيمون، وسيمون ترد بتصريح مؤثّر يفيض بالمحبة
بقلم عمر ماهر
في مشهد فنيّ نادرٍ تتناغم فيه الألحان مع القلوب، وتتوحّد فيه النغمات مع الذكريات، طلّ علينا الموزّع الموسيقي القدير باسم منير بكلمات رقيقة وعميقة في آنٍ واحد، يشيد فيها بالفنانة المتألّقة سيمون.
وكأن قلبه يريد أن يقول التي لم تكن فقط صوتًا عذبًا يحلّق بنا في عوالم من الأحاسيس، بل كانت أيضًا إنسانة راقية، نقيّة، ووفية لأصدقائها، تُبقي الودّ وتثمّن العلاقة حتى بعد مرور السنوات وتغيّر الظروف.
باسم منير، الذي عاصرها وعمل معها منذ بداياته، لم ينسَ تلك اللحظات التي كان فيها شابًا يافعًا بعمر السابعة عشرة، يحمل حلم الموسيقى بين أصابعه، ويبحث عن أفقٍ يفسح له المجال كي يعبّر عن روحه الفنّيّة، فوجد في سيمون الحضن الداعم، والمكان الذي يحتضن الموهبة ولا يخنقها، بل يمنحها الحياة.
وفي تصريحٍ خاصّ ومؤثّر، ردّت النجمة سيمون على كلمات باسم بمنتهى الرقيّ والمحبة، قائلة: “باسم مش بس موزّع موسيقي هايل، ده مدير فرقني، وراجل أكتر من أخويا، عرفته من وهو عنده ١٧ سنة.
وكان دائمًا موهوب وخلوق، وإنسان بمعنى الكلمة”، كلمات تنبع من قلب فنانة لم تعتد أن تجامل، بل أن تضع كل كلمة في موضعها الصحيح، وأن تختار عباراتها بعناية، كما تختار نغمتها في كل عمل فنّيّ تقدّمه، فتلك ليست إشادة عابرة، بل شهادة حياة، ورسالة محبة من فنانة أخلصت للفن ولمن عملوا معها بإخلاص.
هذا التبادل الصادق بينهما، بعيدًا عن صخب النجومية وضجيج الأضواء، يعكس نموذجًا نادرًا في الوسط الفني، حيث يتحوّل العمل إلى صداقة، والموسيقى إلى رابطة خالدة، والاحترام إلى جسر طويل لا تهدمه السنوات ولا تقطعه الظروف.
باسم منير، الذي لطالما كانت بصمته واضحة في العديد من الأعمال الغنائية التي شكلت وجدان المستمع العربي، لم يغفل يومًا عن جذوره، وعن تلك اللحظات الأولى التي انطلقت منها رحلته، وهي لحظات محفورة في وجدانه، كتلك التي جمعته بسيمون، التي لم تكن فقط نجمة، بل كانت مدرسة إنسانية وفنية متكاملة.
إنّ العلاقة التي تربط بين الفنان والموزّع ليست علاقة عمل فقط، بل هي علاقة ثقة وانسجام، تحتاج إلى كيمياء خاصة، وأذن موسيقية منسجمة، وروح واحدة تنبض بنفس الإيقاع.
وهذا تمامًا ما عبّر عنه باسم منير، حين قال إن سيمون كانت دومًا قادرة على فهمه حتى قبل أن يتكلم، وكانت ترى في أفكاره ما لا يراه الآخرون، وتمنحه المساحة ليبدع دون أن تُقيّده بحدود أو قوالب جاهزة، وهذه هي الحرية التي تصنع الفن الحقيقي، وتُخرج من بين ثناياه أعمالًا خالدة لا يطويها النسيان.
من جهة أخرى، أضافت سيمون في تصريحاتها أن باسم منير، رغم السنوات التي مرّت، لا يزال يمتلك الشغف ذاته، والطموح ذاته، والصدق ذاته.
وقالت: “الناس اللي بتبدأ وهي صغيرة وبيفضل جواها نفس الحب للفن، هما دول اللي بيفضلوا دايمًا منوّرين، وباسم منهم، ويمكن أكترهم نقاءً”، هذه الكلمات، التي تحمل بداخلها مشاعر كبيرة من التقدير والإعجاب، تؤكّد أن العلاقة بين الفنان والموزع حين تتأسس على الصدق، فإنها تُثمر أعمالًا لا تُنسى، وذكريات لا تذبل، ومحبّة لا تبهت مهما مرّ الزمن.
وليس من الغريب أن نرى اليوم جمهور سيمون وباسم معًا يستعيدون ذكريات التعاون بينهما بشغف وحنين، فكلّ عمل اشتركا فيه كان بمثابة ترجمة حيّة للانسجام بين الرؤية الفنية والإحساس الموسيقي، ولعل هذا ما يجعل إشادة كل منهما بالآخر ذات قيمة خاصّة، ليس فقط لأنهما يمتلكان تاريخًا فنيًّا مشتركًا، بل لأنهما يملكان من الصفاء والنقاء ما يجعل كلماتهما صادقة إلى أبعد حد.
إنّ هذه الحالة الجميلة من الوفاء، وهذا الامتنان المتبادل، يعيدان إلى الواجهة تلك القيم التي نفتقدها كثيرًا في زمن السرعة والمنافسة والضجيج.
فها هما باسم منير وسيمون يقدّمان لنا درسًا ناعمًا في التواضع، والامتنان، والذاكرة الحيّة، ويفتحان لنا نافذة على زمن كان فيه الفنّ انعكاسًا للروح، لا فقط وسيلة للشهرة، وكان فيه النجاح يُقاس بمقدار الحبّ الذي يُبذل في كلّ نغمة، لا بعدد المشاهدات أو التريندات.
ختامًا، تبقى إشادة باسم منير بسيمون، وردّها عليه بهذه العفوية والعاطفة، علامة مضيئة في عالم الفن، ودليلًا على أن العلاقات الإنسانيّة الصادقة ما زالت موجودة، وأن الفنّ حين يمتزج بالحبّ، يخرج لنا بصورته الأجمل، والأكثر خلودًا، والأشدّ تأثيرًا.
باسم وسيمون، لم يكونا يومًا مجرّد فنان وموزّع، بل كانا رفيقين على دربٍ طويل من النغم، كتباه معًا بقلبيهما قبل أن تسجّله الآلات.