خواطر وأشعار

هجرة النور واليقين

جريدة الأضواء المصرية

هجرة النور واليقين
حين انشقّت صفحات التاريخ لتُدوِّن أعظم سطورها، كانت الهجرة النبوية الحدث الذي أضاء ظلمات القلوب، وأسس لبناء أمة عظيمة.

خرج المصطفى صلى الله عليه وسلم، يحمل راية الحق في رحلة لم تكن مجرد انتقالٍ من مكة إلى المدينة، بل كانت ميلاداً جديداً للأمل والعزّة. تحت سماءٍ مزّقتها الحيرة والظلم، وأمام قلوبٍ أرهقتها قسوة القريب، كان الهادي البشير وصاحبه الصدّيق يخطوان بخُطىً تحمل بين جنباتها يقيناً راسخاً بأنَّ النصر قريب.

في غارٍ صغيرٍ على جبل ثور، أرخى الليل سدوله، فكان العنكبوت بأمر الله جندياً، والحمام بسلامها حارساً. كأنّ الكون بأسره اصطفّ ليحمي رسول الرحمة وصاحبه الوفي. وفي ذلك الموقف المهيب، تنبثق الآية: “لا تَحزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا.”

على مشارف المدينة، كانت طيبة الطيبة ترتدي ثوب الفرح، وتستقبل النبي صلى الله عليه وسلم استقبالاً يُخلّد في الأذهان. صدحت الحناجر بأغنية الحب والولاء:
“طلع البدر علينا، من ثنيّات الوداع، وجب الشكر علينا، ما دعا لله داع.”

هناك، في أرض الأنصار، بدأت أولى لبنات الدولة الإسلامية التي غيرت وجه العالم. من شتات الضعف إلى وحدة القوّة، ومن استبداد الجهل إلى عدل النور، كانت المدينة المنورة منطلقاً لأعظم حضارة، وموطناً لأسمى المبادئ.

الهجرة لم تكن فراراً بل كانت انتصاراً، ليست على الأعداء فقط، بل على النفس التي تأبى إلا أن تتبع طريق الله مهما ضاق السبيل. وفي عودته إلى مكة، فاتحاً منتصراً، أثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصبر مفتاح التغيير، وأن الإيمان بالله أقوى من كل سلاح.

هجرة المصطفى هي درس لكلّ زمان، بأن التضحية في سبيل الحقّ هي مفتاح النصر، وأن الإيمان بوعد الله هو السبيل إلى العزّة والتمكين. هي نور يُضيء الدرب للأمم، وذكرى خالدة تُبقي جذوة الحق مشتعلة في القلوب إلى الأبد.
عليك الصلاة والسلام ياحبيبي يارسول الله
بقلمي ✍🏻
د. هدى عبده

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى