مقال

تاريخ يُكتب بالدم والوعي … يف نجت مصر من سيناريو التفكك العربي

جريدة الأضواء المصرية

تاريخ يُكتب بالدم والوعي … يف نجت مصر من سيناريو التفكك العربي

بقلم : د . هاني المصري

——————————

في مثل هذا اليوم، ومنذ سنوات، خرج ملايين المصريين في مشهد لا يُنسى، حاملين علم بلادهم، متمسكين بهويتهم، رافضين أن تُختطف الدولة باسم الدين أو أن تُساق إلى أتون الحرب الأهلية على يد جماعة لم تؤمن يومًا بالدولة الوطنية ولا بمبادئ الديمقراطية.

لقد كانت ثورة 30 يونيو أكثر من مجرد انتفاضة شعبية؛ كانت إعلانًا صريحًا بأن الشعب المصري لن يقبل أبدًا أن يُحكم بالإرهاب، أو أن تتحول مصر إلى دولة فاشلة يتناحر فيها أبناؤها باسم العقيدة أو الأيديولوجيا.

بين خيانة الجماعة ووفاء الشعب

عندما وصلت جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم، كانت هناك آمال لدى بعض المصريين بإمكانية التغيير، لكن سرعان ما تكشفت النوايا. فبدلًا من بناء مؤسسات الدولة، سعت الجماعة إلى “أخونة” المفاصل الحيوية، وإقصاء الكفاءات، وزرع الفرقة، وتحويل الولاء من الوطن إلى التنظيم.

جاءت الخيانة الأكبر حين حاولت الجماعة استخدام الدين ستارًا لإرهاب المعارضين، فانتشرت الخطابات التحريضية، ووقعت أعمال قتل وعنف سياسي، وساد خطاب تقسيمي يهدد بتفجير المجتمع من الداخل.

الجيش والشرطة: درع الوطن وسيفه

في تلك اللحظة الحرجة، لم يكن أمام مصر إلا خيار واحد: التكاتف. وهنا برز دور القوات المسلحة، التي لبّت نداء الشعب ورفضت أن تقف متفرجة أمام انهيار الدولة. كما وقفت الشرطة، التي عانت كثيرًا في تلك المرحلة، بجانب الشعب، رافضة أن تكون أداة في يد من يستبيح دماء المصريين.

لم يكن تدخّل الجيش في 3 يوليو إلا استجابة واضحة لمطلب شعبي جارف، لملايين نزلوا إلى الشوارع مطالبين بإنهاء حكم الجماعة وإعادة مصر إلى طريق الدولة المدنية.

من الفوضى إلى البناء

توحّد الشعب مع مؤسساته، وبدأت مصر في كتابة فصل جديد، تجاوزت فيه مرحلة الانقسام، وواجهت الإرهاب، وبدأت في بناء مؤسسات حديثة واقتصاد resilient، واستعادت ثقتها في نفسها.

لم يكن الطريق سهلًا، فقد واجهت الدولة عمليات إرهابية ممنهجة، سعت لعرقلة الاستقرار، لكن بالإصرار والتضحيات، نجح المصريون في إعادة الأمن وبناء دولة قوية، لا تُحكم بالفتاوى ولا تُرهب بالقنابل.

 30 يونيو .. درس في الوطنية

إن ذكرى 30 يونيو ليست فقط ذكرى سقوط جماعة أو فشل مشروع، بل هي تجسيد لقدرة الشعوب على تصحيح مسارها، وحماية وطنها، والالتفاف حول مؤسساتها متى استدعى الأمر.

وها هي مصر اليوم، تحتفل بهذه الذكرى، وقد استعادت هيبتها، وتقدمت في ملفات الأمن والبنية التحتية والتمثيل الدولي. لكن يبقى التحدي قائمًا: أن نحمي هذا المكسب، ونعلّم الأجيال القادمة أن الوطن لا يُباع، وأن مصر تستحق دائمًا الأفضل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى