مقال

وهل هو إلا بضعة أو مضغة منك

جريدة الأضواء المصرية

وهل هو إلا بضعة أو مضغة منك

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي اكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة وجعل امتنا وله الحمد خير أمه وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آياته ويزكينا وعلمنا الكتاب والحكمة وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة وأشهد أن محمد عبدة ورسوله أرسله للعالمين رحمة وخصه بجوامع الكلم فربما جمع أشتات الحكم والعلم في كلمة أو شطر كلمة صلى الله علية وعلى أله وأصحابه صلاه تكون لنا نورا من كل ظلمة وسلم تسليما، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل واتقوا يوما الوقوف فيه طويل والحساب فيه ثقيل ثم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن موجبات الوضوء، وإن هناك خلاف في نقض الوضوء من مس الذكر، حيث إختلف العلماء في مس الذكر، فمنهم من قال يوجب الوضوء ومنهم من قال لا يوجب الوضوء.

وأما عن أدلة من قال لا يجب الوضوء من مس الذكر مطلقا، فالدليل الأول هو ما رواه ابن أبي شيبة عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي، قال خرجنا وفدا حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعناه وصلينا معه، فجاء رجل، فقال يا رسول الله، ما ترى في مس الذكر في الصلاة؟ فقال ” وهل هو إلا بضعة أو مضغة منك” والحديث إسناده فيه ضعف، وأما عن الدليل الثاني على ترك الوضوء من مس الذكر من النظر، قالوا النظر دال على أنه لا يجب الوضوء من مسه، فقد قال ابن عبدالبر ذكر عبدالرزاق عن الثوري، قال إجتمع سفيان وابن جريج فتذاكرا مس الذكر، فقال ابن جريج يتوضأ منه، وقال سفيان لا يتوضأ منه، فقال سفيان أرأيت لو أن رجلا أمسك بيده منيّا، ما كان عليه؟

فقال ابن جريج يغسل يده، فقال أيهما أكبر المني أو مس الذكر؟ ولفظ عبدالرزاق أيهما أنجس المني أم الذكر؟ فقال ابن جريج ما ألقاها على لسانك إلا شيطان، وقال الإمام البيهقي وإنما أراد ابن جريج أن السنة لا تعارض بالقياس، وإيجاب الوضوء ليس متلقى من العقل، وإذا كان الحكم الشرعي يخالف في بادي الرأي نظر الإنسان، دل ذلك على أن المسألة فيها توقيف، وقد ذكرت هذا الدليل من وجوه ترجيح حديث بسرة على حديث طلق، وبسطت الكلام عليه، وأما عن الدليل الثالث، فقالوا وجوب الوضوء من مس الذكر مما تعم به البلوى، وما عمت به البلوى لا يقبل فيه أخبار الآحاد، حتى يكون نقله متواترا مستفيضا، ولكن أين الدليل على هذا الشرط؟ وخبر الآحاد يجب العمل به كالخبر المتواتر، وحديث إنما الأعمال بالنيات من أعظم الأحاديث التي يعتمد عليها في الأحكام.

ومع ذلك هو فرد غريب، ولم يمنع ذلك من صحته مع عظم الحاجة إليه، وتبليغ الرسالة من أعظم الأمور، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل آحاد الصحابة لتبليغها عن طريق المكاتبة وغيرها، وكانت الحجة تقوم بذلك، وأكثر الأخبار التي تعم بها البلوى هي أخبار آحاد، والأخبار المتواترة قليلة، بل إن تقسيم الأحاديث إلى متواتر وآحاد هو تقسيم حادث، لا يعرف عند أئمة الحديث المتقدمين، والله أعلم، وأما عن الدليل الرابع، فقالوا تحمل الأحاديث الآمرة بالوضوء على غسل اليد جمعا بينها وبين حديث طلق، وبأن حمله على غسل اليد لا يصح إلا بقرينة، ولا قرينة هنا على أن الألفاظ يجب حملها على الحقيقة الشرعية، فإن تعذر حملت على الحقيقة العرفية، وحملها على الحقيقة الشرعية لا يمنع منه مانع، خاصة أن حديث قيس لا يصح، وا

لله أعلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى