كان أول من أظهر إسلامه سبعة بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الحكيم الرءوف الرحيم الذي لا تخيب لديه الآمال، يعلم ما أضمر العبد من السر وما أخفى منه ما لم يخطر ببال، ويسمع همس الأصوات وحس دهس الخطوات في وعس الرمال، وير حركة الذر في جانب البر وما درج في البحر عند تلاطم الأمواج وتراكم الأهوال، أفلا يستحي العبد الحقير من مبارزة الملك الكبير بقبح الأفعال، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير، الكل تحت قهره ونظره في جميع الأحوال، فتبارك من وفق من شاء لخدمته فشتان ما بين رجال ورجال، فيا عبد الله يا مسكين يا غافلا والجليل يحرسه من كل سوء يدب في الظلم، كيف تنام العيون عن ملك تأتيه منه فوائد النعم، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيب، أنت الذي من نورك البدر اكتسى.
والشمس مشرقة بنور بهاك، أنت الذي لما رفعة الله إلي السما بك قد سمت وتزينة للقاك، أنت الذي ناداك ربك مرحبا ولقد دعاك لقربه وحباك، صلى عليك الله يا علم الهدى ما إشتاق مشتاق إلي مسراك، وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة كم عاني الرعيل الأول من المسلمين في مكة، فقيل أنه أتى الصحابي الجليل خباب بن الأرت رضي الله عنه، وبدا منه جزع لما لحقه من تعذيب شديد وكان أن غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما بدا من خباب وقال قولته الشهيرة ” كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب.
وما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون” كما أن الصحابي الجليل عمار بن ياسر وأمه سمية وصهيب والمقداد رضي الله عنهم جميعا لم يتحملوا التعذيب الشديد فنطقوا بكلمة الكفر، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال ” كان أول من أظهر إسلامه سبعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنعه الله تعالي بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر رضي الله عنه فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون وألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس، فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلال ” وأتى عمار رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم حزينا.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما وراءك؟ قال شر يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، قال كيف تجد قلبك؟ قال مطمئن بالإيمان قال إن عادوا فعد ” ثم نزل فيه قول الله عز وجل يستثنيه من العذاب ” من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ” ولم يري النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في أزمة الرسالة وقتها أن هذا بسبب أن بعض من أصحابه كخباب وعمار رضي الله عنهم، لم ينجح في إختبار الثبات والصمود، وبالتالي فتلك الفئة ما زالت في حاجة لمزيد من التربية والإحتضان والرعاية، ولم يعتمد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هذا التفسير، ولم يعتبر أن هذا هو سبب تأخر النصر والتمكين.
بل تعامل مع الأمر تعامل الطبيب الذي أعطى دواء مرا لخباب ورفض أن يتخلى عن صفة الصبر، وأعطى دواء آخر لعمار الذي أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، ثم إستمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرته لمعالجة سبب الأزمة الحقيقية وهو عدم الإستقلال في أرض تعيش عليها الفكرة الإسلامية في أمان، وفيها تثمر.