الجناح الثقافي لاتحاد الكتّاب التونسيين يُضيء بتنوّع الإبداع في اليوم الثالث للمعرض الدولي للكتاب
(تونس، 27 أبريل 2025)
في إطار فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين للمعرض الدولي للكتاب بتونس، استضاف جناح اتحاد الكتّاب التونسيين صباح اليوم الأحد لقاءً أدبيًا مميزًا جمع جمهور الثقافة بالشاعرة التونسية البارزة منية نعيمة جلال، في حوارٍ ثريّ تناول تجربتها الإبداعية، خاصة إصدارَيها الشعريين الأخيرين، إلى جانب محطات متنوعة من مسيرتها الأدبية. جاء هذا النشاط ضمن سلسلة فعاليات ينظمها الاتحاد لتسليط الضوء على المبدعين التونسيين، تأكيدًا لدورهم الحيوي في إثراء المشهد الثقافي محليًا وعربيًا.
اتحاد الكتّاب التونسيين: رافدٌ للثقافة وحاضنةٌ للإبداع
يُعد اتحاد الكتّاب التونسيين من أهم المؤسسات الساهرة على رعاية الحراك الأدبي، إذ يسعى إلى بناء جسور بين المبدعين والجمهور من خلال لقاءات حوارية وندوات ثقافية. وكما قال الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط:
“التنوير هو خروج الإنسان من قصوره الذي اقترفه في حق نفسه.”
في هذا السياق، يواصل الاتحاد جهوده لتمكين المثقف من أن يكون فاعلًا، لا مجرد متلقٍ، عبر خلق مساحات للحوار الحر والنقد البنّاء، مساهمًا في دفع عجلة الوعي المجتمعي.
حوارٌ يليق بتجربة شاعرة متميزة
أدارت اللقاء الإعلامية والأستاذة القديرة نعيمة بنوري، التي أبرزت بإتقان محطات من تجربة الشاعرة جلال، من بداياتها الشعرية إلى آخر إصداراتها، مع تركيز خاص على رؤيتها الفنية وانزياحاتها اللغوية.
وقد أدار التنشيط العام للفعالية الشاعر بوراوي بعرون، الذي أضفى بروحه الحيّة وشاعريته المتمرسة حيوية خاصة على أجواء اللقاء، مانحًا الفعالية إيقاعًا متناغمًا بين الإبداع والأسئلة الوجودية. أثبت الشاعر بوراوي بعرون من خلال حضوره البارز أن دور الشاعر لا يقتصر على الإبداع الفردي، بل يمتد إلى تنشيط الفضاءات الثقافية وجعلها منصات حوارية حيّة.
لم يكن اللقاء مجرد استعراض لمسيرة إبداعية، بل تحول إلى فضاء للنقاش العميق، حيث تفاعل الحضور بآرائهم وقراءاتهم، مؤكدين أن الإبداع الحقيقي هو ذاك الذي يثير التساؤلات، كما قال جان بول سارتر:
“الأدب مسؤولية، والكاتب شاهد على عصره.”
لحظة مؤثرة سجلتها شهادة الكاتبة حياة الرايس، التي استحضرت ذكريات الدراسة مع الشاعرة جلال في بغداد، مُبرزة أثر هذه التجربة في تشكيل وعيها الأدبي والإنساني. أضفت هذه المداخلات بعدًا إنسانيًا وحميميًا على اللقاء، كاشفة عن عمق تشابك التجربة الفردية مع التحولات الثقافية الكبرى.
إشادة بإدارة الحوار وإثراء النقاش
نال أداء الأستاذة نعيمة بنوري إشادة واسعة لحسن إدارتها الحوار، حيث استطاعت أن تحقق التوازن بين النقد الرصين والحوار السلس، مقدمةً تجربة الشاعرة جلال بشمولية ووضوح. وكما يرى الفيلسوف الإسباني خوسيه أورتيغا إي غاسيت:
“المثقف هو ضمير الإنسانية، يحرس القيم ويدافع عن الرؤية المستقبلية.”
بهذا المعنى، بدت الندوة وكأنها استعادة لدور المثقف كضمير نابض وسط التحولات، كما أكد حضور الشاعر بوراوي بعرون كعنصر فاعل في تحريك الأجواء الثقافية وإبراز أبعاد الحوار بين النص والمتلقي.
وأشاد الحضور بتنظيم الاتحاد لهذه الفعالية النوعية، معتبرين إياها إضافة جديدة تسهم في تعزيز حضور الثقافة التونسية عربياً، وتبرز دور الأدب في إعادة تشكيل الوعي والذاكرة الجماعية.
ختام يحمل بصمة الذاكرة
بعد انتهاء النقاش، التقط المشاركون صورًا تذكارية مع الشاعرة والمحاورة، في لحظة تفاعل إنساني دافئ بين الثقافة وجمهورها. وقد أُعلن عن تواصل فعاليات الجناح الثقافي طوال أيام المعرض، بمشاركة نخبة من الكتّاب والمفكرين من تونس وسائر أرجاء الوطن العربي.
تحية لإبداع لا يتوقف
في الختام، لا يسعنا إلا أن نوجه تحية لكل مبدع يزرع الجمال والمعرفة وسط عالم يزداد تعقيدًا. وكما قالت الفيلسوفة حنة آرنت:
“الثقافة هي ما تبقى عندما ينهار كل شيء آخر.”
وتحية خاصة للمبدعات التونسيات وفي مقدمتهن منية نعيمة جلال، ونعيمة بنوري، وحياة الرايس، وغيرهن ممن يثبتن أن الإبداع النسوي ليس مجرد حضور جميل ورائع فحسب، بل هو عماد أصيل في بناء المشهد الثقافي التونسي والعربي.
كما لا ننسى الإشادة بالدور النشيط الذي اضطلع به الشاعر بوراوي بعرون ف