مقال

(مقارنة بين مبادرة حزام الأرز الكورى الجنوبى ومبادرة الحزام والطريق الصينية ودورهم فى تنمية القارة الأفريقية والمشروعات التنموية فى مصر)

جريدة الأضواء المصرية

ترجمة تحليلى الدولى الهام باللغة الإنجليزية من موقع (المودرن دبلوماسى) للتحليلات السياسية العالمية… بعنوان:

(مقارنة بين مبادرة حزام الأرز الكورى الجنوبى ومبادرة الحزام والطريق الصينية ودورهم فى تنمية القارة الأفريقية والمشروعات التنموية فى مصر)

تحليل الدكتورة/ نادية حلمى

الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية – أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف

تأتى مناسبة تحليلى لملف العلاقات الكورية الجنوبية مع مصر ومقارنتها بالصين تخصصى الأكاديمى والبحثى الدقيق، بمناسبة إحتفال مصر وكوريا الجنوبية، فى يوم ١٤ إبريل ٢٠٢٥، بذكرى مرور ٣٠ عاماً على تدشين العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، وقد شهدت علاقات البلدين تطوراً مستمراً وشملت شتى المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية والتعليمية على مدار ثلاثة عقود. وتمتد العلاقات المصرية الكورية إلى عام ١٩٤٨ حين إعترفت مصر رسمياً بإستقلال جمهورية كوريا الجنوبية. ويمتد التعاون المصرى الكورى الجنوبى فى الوقت الحالى إلى مجال التعاون الإنمائى للخمس سنوات المقبلة لتلبية متطلبات التنمية وتعزيز التحول إلى الإقتصاد الأخضر والتوسع فى مشروعات البنية التحتية المستدامة. خاصةً مع إختيار كوريا الجنوبية لمصر شريكاً إستراتيجياً على مستوى خطط التعاون الإنمائى للفترة من ٢٠٢٢- ٢٠٢٦.

إذا كانت الصين تستثمر فى مشروعها العملاق الخاص بمبادرة الطريق والحزام كما تستخدم روسيا أذرعها الأمنية لتعزيز وجودها فى أفريقيا، فإن كوريا الجنوبية تركز على حزام من نوع آخر يتعلق بالأمن الغذائى، وتهدف (مبادرة حزام الأرز الكورى الجنوبى)، والتى تقودها كوريا الجنوبية خاصةً داخل القارة الأفريقية، إلى تعزيز إنتاج الأرز فى البلدان الأفريقية من خلال إدخال أصناف الأرز عالية الإنتاجية، وتوفير البذور، وتقديم التدريب، ودعم أنظمة الرى. ومن خلال الشراكات مع ٨ دول أفريقية، أهمها (الكاميرون، وغامبيا، وغانا، وغينيا (بيساو)، وكينيا، والسنغال، وأوغندا)، تستثمر كوريا الجنوبية فى بناء القدرات الزراعية وتعزيز زراعة الأرز وتوزيعه فى تلك الدول الأفريقية وغيرها لتعزيز الأمن الغذائى بالشراكة بين كوريا الجنوبية ودول أفريقيا. ومن خلال مبادرات كورية جنوبية كبيرة، مثل: (مساعدات التنمية الرسمية، وبرامج بناء القدرات، ونقل التكنولوجيا، وحزام الأرز)، تهدف كوريا الجنوبية إلى سد فجوة التنمية وتعزيز دورها كدولة محورية عالمية.

ومع مجئ الرئيس الأمريكى “ترامب” فى فترته الرئاسية الثانية بعد سلسلة من الحروب التجارية التى شنها على الصين خلال فترة ولايته الأولى، وزيادته قيمة التعريفات الجمركية على الصين لأكثر من ١٠٠%، أصبحت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين مشحونة بالتوتر خاصةً مع رد الصين بحزم بسياسة المعاملة بالمثل على الإدارة الأمريكية وزيادة بكين بالمثل لقيمة التعريفات الجمركية المفروضة على البضائع والسلع الأمريكية إلى بكين بل وإلى فرض قيود تجارية صينية على الشركات الأمريكية العاملة داخل أراضيها والمملوكة بالأخص لرجل الأعمال الأمريكى المعروف “إيلون ماسك”.

وهنا نجد حجم إستفادة كوريا الجنوبية فى الوقت الحالى من التوترات بين القوى العظمى الصينية والأمريكية، بإعتبارها جهة فاعلة أصغر بالنسبة لإدارة العلاقات بين القوى الكبرى. وهو ما حلله بالظبط “كيون لى”، بصفته نائب رئيس المجلس الإستشارى الإقتصادى الوطنى السابق لرئيس كوريا الجنوبية، والحائز على (جائزة شومبيتر) لعام ٢٠١٤، ومؤلف كتاب “الصين: القفزة التكنولوجية واللحاق بالركب الإقتصادى: منظور شومبيتر)، والصادر عن جامعة أكسفورد لعام ٢٠٢٢. حيث حلل “كيون لى” الوضع بالنسبة لكوريا الجنوبية وطبيعة الخلاف الحادث بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، بتأكيده على أن الشركات الكورية الجنوبية تجنى فوائد كبيرة من القيود التجارية والتكنولوجية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على الصين، والتى أدت على الأقل إلى تباطؤ عملية “إضفاء الطابع الصيني” على التصنيع وسلاسل القيمة العالمية. وبما أن كوريا الجنوبية والصين تنتجان عدداً كبيراً من السلع والأنواع ذاتها ـ مثل الأجهزة الإلكترونية الإستهلاكية، والبطاريات، والسيارات، والسفن وغيرها ـ فكلما تضاءلت حصة الصين فى السوق الأمريكية والغربية، وفقاً لتحليل “كيون لى” – بقى المزيد لكوريا الجنوبية. وبالفعل، أعطت العقوبات الغربية والأمريكية بالأخص، المفروضة على (شركة هواوى) الصينية العملاقة فى مجال التكنولوجيا دفعة قوية لمبيعات الأنظمة اللاسلكية التي تنتجها (شركة سامسونج الكورية). وعلى نحو مماثل، إذا كانت الصناعة الصينية أقل قدرة على الوصول إلى التكنولوجيا الغربية، فمن المرجح أن تتجه نحو الشركات الكورية الجنوبية، وهو ما تحاول كوريا الجنوبية الإستفادة منه من خلال تبنى إستراتيجية تنموية جديدة للشراكة مع مصر ودول القارة الأفريقية، وعقد أول قمة كورية جنوبية أفريقية فى يونيو ٢٠٢٤.

ويمكننا هنا عقد مقارنة بسيطة بين الدور التنموى للصين وكوريا الجنوبية داخل القارة الأفريقية، حيث تركز الصين فى المقام الأول من خلال مبادرتها للحزام والطريق على قوتها المالية الهائلة، فضلاً عن عملها على تغيير طبيعة الدول الأفريقية بشكل أساسى، فإن الأمر المثير للإهتمام هو أن كوريا الجنوبية، التى تتمتع بنقاط قوة كبيرة، قررت الإنضمام إلى الركب من أجل الفوز بأفريقيا. مع حرص كوريا الجنوبية على الإبتعاد عن إتباع النموذج الصينى فى أفريقيا. وكما لوحظ خلال أعمال القمة الأولى بين أفريقيا وكوريا الجنوبية فى يونيو ٢٠٢٤، فإن كوريا الجنوبية تقوم بدور الجسر أو قناة الإتصال فى المجتمع الدولى بإعتبارها قوة متوسطة مسئولة إستناداً إلى تجربتها التنموية الخاصة مقارنةً بالصين. مع ملاحظة حرص كوريا الجنوبية على الإبتعاد عن تقديم نفسها كمنافس قوى للصين أو غيرها داخل القارة الأفريقية.

ويأتى التاريخ الحديث للعلاقات الكورية الجنوبية مع أفريقيا بداية من خلال الحرب الكورية فى ٢٥ يونيو ١٩٥٠، بمشاركة وحدات من الجيشين الإثيوبى والجنوب إفريقى ضمن قوات الأمم المتحدة، بما فى ذلك “وحدة ميحال سيفارى”، وهى وحدة الحرس الشخصى للإمبراطور الإثيوبى، التى تم إرسالها لدعم كوريا الجنوبية، رغم أن إثيوبيا كانت من أفقر دول العالم حينئذ. وقد أسهمت تلك المساعدات الإثيوبية فى بناء علاقات ودية وخاصة بين البلدين بعد إنتهاء الحرب. نتيجة لذلك، تم تخصيص مكتب الإتحاد الإفريقى فى كوريا الجنوبية داخل السفارة الإثيوبية، وقامت الحكومة الكورية الجنوبية بإنشاء حديقة تذكارية تكريماً للجنود الإثيوبيين الذين شاركوا فى الحرب دعماً لكوريا الجنوبية.

ونظراً لأهمية الشراكة مع كوريا الجنوبية، جاء حرص الرئيس “السيسى” خلال زيارته لكوريا الجنوبية على تعزيز جهود الدولة المصرية لتوطين الصناعة الكورية الجنوبية فى مصر، بما يعكس الآفاق الواعدة للشراكات المصرية المتنوعة والمرتقبة مع كوريا الجنوبية. وهنا نجد حرص الرئيس “السيسى” على توطين التكنولوجيا الكورية الجنوبية على الأراضى المصرية، وهو ما برز جلياً من توطين صناعة عربات السكك الحديدية الكورية الجنوبية فى مصر بالمنطقة الإقتصادية لقناة السويس لتعزيز المكون المحلى المصرى بشكل متدرج، وتعزيز جهود التوريد المصرى للأسواق فى المنطقة العربية وأفريقيا، من خلال الشراكة المصرية بين القطاعين الحكومى والخاص فى كوريا الجنوبية. لذا نجد حرص الرئيس “السيسى” على الإستفادة من الخبرات الكورية الجنوبية فى توطين التكنولوجيا وجذب الإستثمارات الأجنبية، والذى يساهم فى خلق ما يقرب من ٥٠٠٠ فرصة عمل للشباب المصرى فى المنطقة الإقتصادية لقناة السويس، وذلك لتحقيق التقدم الإجتماعى والإقتصادى فى المنطقة.

وعلى الجانب التنموى والإنمائى يأتى حرص كوريا الجنوبية على تقديم منح تنموية لمصر وكافة الدول الأفريقية، من خلال (الوكالة الكورية للتعاون الدولى)، المعروفة بإسم (كويكا)،
KOIKA
خاصةً فى مجالات التعليم العالى، الملكية الفكرية، والتدريب المهنى، وتكنولوجيا المعلومات، وإنشاء نظام إلكترونى للمشتريات الحكومية، والتمكين الإقتصادى للمرأة، ومكافحة العنف. بينما التمويلات التنموية الميسرة لكوريا الجنوبية، فهى تتنوع فى مجالات: (السكك الحديدية، وتصنيع عربات قطار مترو الأنفاق، وبرامج نقل الخبرة والمعرفة وبرامج تنمية قدرات الكوادر الحكومية).

وتزايدت أوجه التعاون المصرى الكورى الجنوبى فى ضوء الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، خاصةً فى ظل إختيار كوريا الجنوبية لمصر لتصبح الشريك الإستراتيجى فى مجال التعاون الإنمائى للخمس سنوات المقبلة. مع تمويل العديد من المشروعات الكورية الجنوبية فى مصر من خلال نافدة التمويل الميسر المقدم من خلال (صندوق التعاون الكورى للتنمية الإقتصادية) التابع لبنك التصدير والإستيراد الكورى الجنوبى، وهو ما ظهر جلياً من إتفاق تمويل تنموى كورى جنوبى لمصر بقيمة ٤٦٠ مليون دولار لتنفيذ مشروع “تصنيع وتوريد ٤٠ وحدة قطار (٣٢٠ عربة) للخطين الثانى والثالث لمترو أنفاق القاهرة الكبرى.

كما تتواجد الشركات الكورية الجنوبية بكثافة فى العاصمة الإدارية الجديدة ومحور تنمية قناة السويس، وأبرزها شركة (هيواندى روتم) لكوريا الجنوبية فى المنطقة الإقتصادية لقناة السويس. وتضم مجموعة شركات (هيونداي روتام) أكثر من ١٤ شركة كورية جنوبية تعمل فى ثلاثة مجالات رئيسية، هى: (قطارات ومعدات السكك الحديدية، والصناعات العسكرية المتعلقة بالأسلحة البرية، والآلات والمعدات الثقيلة، والبنية التحتية لمشروعات الطاقة، والحديد والصلب). كما تعد أحد أهم الشركات الرائدة فى التقنيات الحديثة المتعلقة بإستخدام وقود الهيدروجين فى المركبات والمعدات.

وهنا تتنوع العلاقات المصرية الكورية الجنوبية بين عدة مجالات متنوعة، حيث لا تقتصر فقط على جهود التعاون الإنمائى بين البلدين، لكنها تتنوع على المستوى التجارى والإستثمارى والثقافى، مع وجود العديد من الشركات الكورية الجنوبية التى تستثمر فى مصر في مجالات متنوعة، مثل: التكنولوجيا والإتصالات والإلكترونيات وغيرها. مع حرص الحكومة المصرية والرئيس المصرى “عبد الفتاح السيسى” خلال زيارته الأخيرة لكوريا الجنوبية على دفع أوجه التعاون مع الجانب الكورى الجنوبى وتوفير الدعم الكامل للإستثمارات الكورية الجنوبية فى مصر كى تشمل مجالات عديدة ومتنوعة. حييتعد كوريا إحدى أهم الشركاء التجاريين لمصر بمنطقة جنوب شرق آسيا. كما تعتبر كوريا الجنوبية مصدراً مهماً لنقل الخبرات والتكنولوجيات الصناعية لمصر. وهناك العديد من أوجه التعاون المرتقب بين كوريا الجنوبية ومصر فى مشروعات منطقة الضبعة النووية، والتى يأتى أبرزها: التصنيع المشترك فى مجال الإلكترونيات، حيث يتم تصنيع المنتجات الكورية لسامسونج وإل جى بأياد مصرية، كما أن ٩٠% من صادرات مصر الإلكترونية تتم بتعاون مع كوريا الجنوبية، فضلاً عن أوجه التعاون المثمر بين البلدين فى مشروعات السيارات الكهربية وتحلية مياه البحر، ومشروعات تطوير خطوط السكك الحديدية.

كما أعلنت كوريا الجنوبية فى عام ٢٠٢٢ عن تقديم قرض لمصر بقيمة مليار دولار من قبل (صندوق التعاون للتنمية الكورى الجنوبى). فى إطار السعى الكورى الجنوبى إلى الشراكة التعاونية مع مصر وتعزيز التنمية المستدامة بين البلدين، مع المضي قدماً لإبرام إتفاقيات تجارية وتوسيع أفق التعاون الكورى الجنوبى مع مصر فى قطاعات النقل صديق البيئة والتنمية البحرية والفضائية، مع إتفاق البلدين فى الوقت ذاته على أهمية التغلب على أزمة المناخ، خاصةً بعد إستضافة مصر لمؤتمر المناخ الدولى “كوب ٢٧” فى شرم الشيخ.

وفى السنوات الأخيرة تحاول كوريا الجنوبية إحداث حالة من التقارب مع القارة الأفريقية وعلى رأسها مصر، وهنا شكلت أول قمة كورية-أفريقية عقدت في أوائل يونيو ٢٠٢٤ علامة فارقة تاريخية، حيث إجتمع رئيس كوريا الجنوبية “يون سوك يول” وزعماء من ٤٨ دولة أفريقية لتعميق التعاون التجارى والإقتصادى. لذا جاء إنعقاد (القمة الكورية الجنوبية الأفريقية)، وهي المبادرة الجديدة التى أطلقتها كوريا الجنوبية لدعم التعاون مع دول القارة الأفريقية فى ظل التحديات التي تواجهها دول العالم، لاسيما على مستوى الأمن الغذائى، والتحديات المناخية، ومشكلات سلاسل التوريد، وفى ضوء ما تتمتع به مصر من مكانة كبيرة فى قارة أفريقيا، سعت كوريا الجنوبية لتدشين شراكة إستراتيجية مع قارة أفريقيا وبالأخص الجانب المصرى، تقوم على ثلاثة محاور هى: (تعزيز التجارة والإستثمار لتحقيق التنمية الإقتصادية، ومواجهة التحديات العالمية)، مثل: تغير المناخ والأمن الغذائى، وتعزيز السلام والأمن والتعاون فى المحافل الدولية.

وخلال أول قمة أفريقية كورية جنوبية جاء إعلان الرئيس الكورى الجنوبى “يون” بشأن إلتزام كوريا الجنوبية بزيادة المساعدات التنموية لأفريقيا، وتعهد بمبلغ ١٠ مليارات دولار على مدى السنوات الست المقبلة. ويؤكد هذا الدعم المالى الكبير مدى إهتمام كوريا الجنوبية بالثروة المعدنية الهائلة فى أفريقيا وإمكاناتها كسوق تصديرى كبير. وذك الرئيس “يون” فى كلمته الختامية للقمة أن “حوار المعادن المهم الذى أطلقته كوريا الجنوبية وأفريقيا يعد مثالاً لسلسلة توريد مستقرة من خلال التعاون متبادل المنفعة والمساهمة فى التنمية المستدامة للموارد المعدنية في جميع أنحاء العالم”.

وعلى الجانب الصينى، فمع حرص الحكومة الصينية على عقد قمم صينية أفريقية تعرف بإسم “الفوكاك” منذ عام ٢٠٠٢ حتى الآن، والتى تجمع معظم القادة الأفارقة، فإن تلك القمم الصينية الأفريقية تمثل الكثير بالنسبة بالنسبة للحكومات الغربية والإدارة الأمريكية بعكس الحال مع كوريا الجنوبية حليفة واشنطن بالأساس من خلال (قاعدة غوام العسكرية الأمريكية فى شبه الجزيرة الكورية)، والتى قوامها أكثر من ٣٠ ألف جندى أمريكى، حيث تسلط تلك القمم الصينية الأفريقية الضوء على مصدر جديد للإحتكاك مع الصين وتوتر العلاقات بينهما. فالصين من خلال الصلات الإقتصادية المتطورة التى تربطها مع الدول الإفريقية، بتقديمها مساعدات كبيرة إلى الأنظمة الأفريقية التى تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا إلى الضغط عليها لمراجعة سجلها فى حقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة وسياسة الإحتكار وغيرها.

كما شهدت العلاقات الصينية الإفريقية تطوراً سريعاً، خاصةً فى المجال الإقتصادى، حيث تفضله الصين طريقاً سهلاً ومقبولاً فى تعاطيها مع الدول النامية، سواء فى صورة التبادل التجارى أو القروض أو المنح والعطايا الإستثمارية، والتى تتميز بعدم المشروطية السياسية، وهو ما يميزها عن مثيلاتها الغربية ويجعلها مقبولة لدى المجتمعات الأفريقية الفقيرة سواء على المستوى الرسمى أو الشعبى وييسر مهمة الفاعل الصينى فى إختراق تلك المجتمعات حتى صارت بكين الشريك التجارى الرئيسى للقارة السمراء، حيث تعتبر بكين علاقاتها مع الأفارقة جزءاً مهماً من إستراتيجيتها لتعزيز نفوذها الإقتصادى والسياسى على مستوى العالم وأن تكون مرتكز الدائرة لتلك الدول ضمن مفهوم قوتها الناعمة والهادئة، فى إطار سياسة العلاقات بين بلدان الجنوب – الجنوب. ومن أجل ذلك، تسعى الصين إلى زيادة تموضعها السياسى داخل القارة الأفريقية ومخاطبة الضمير الأفريقى المحمل بمدركات سلبية عن المستعمر الغربى، بالحديث عن إصلاح المؤسسات الدولية وتمجيد السيادة الوطنية التى أعيد إكتشافها بعد الخروج الإستعمارى الغربى من ربوع القارة الأفريقية، وإعلان الصين تضامنها مع دول الجنوب بالمواقف الإقتصادية والوعود الإنمائية، وهو نفسه الحديث الذى يطيب آذان الأفارقة لدى سماعه من قوى عظمى كبكين، فى مواجهة أطماع الغرب حيالها.

وبناءً عليه نفهم مدى التنافس بين الصين وكوريا الجنوبية فى مصر وبلدان القارة الأفريقية وتبنيهم لسياسات القمم الأفريقية عبر التضامن والتعاون التنموى والإنمائى والإقتصادى مع مصر ومختلف القارة الأفريقية. مع طموحات البلدان الأفريقية لتنويع شركاتها الهادفة إلى دفع كلاً من بكين وسيول لتبنى رؤيتها لبناء عالم متعدد الأقطاب وحق الأفارقة فى مقعد دائم فى مجلس الأمن بعد إصلاح الأمم المتحدة ومعارضة الإستعمار بكافة صوره وأشكاله الجديدة وعدم تسييس القضايا الدوخلية كحقوق الإنسان والديمقراطية، وغيرها.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى