برقيات

المعلم ينعي احترامه وتقديره من الأخرين

جريدة الأضواء المصرية

المعلم ينعي احترامه وتقديره من الأخرين.

بقلم د /. سعاد حسني

في الأيام القلائل الماضية شهدت مصر عروسا لم يكن له سابقة من قبل، ألا َهي زيارة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إلى مصر. وكما شاهدنا جميعا الروعة في اللقاء والحفاوة في الاستقبال، الجرأة من قبل الرئيس ( عبد الفتاح السيسي) ليتنقلا سويا في عقر دار المصرين ( الحسين – الأزهر – الجمالية – ) فيالها من جرأة وشجاعة من الرئيس السيسي بسبب هذا الحدث العظيم، والذي أثبت من خلاله شيئين مهمين : أولا : أنه لا يهاب الموت، ولا يهمه شئ؛ فنزل في الشوارع و الطرقات والأزقة.؛ وكأن إنسان عادي يسير وبتجول بإرتياحية شديدة، ملتف حوله الشعب في فرحة، وسعادة وحب. ثانيا : مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو بذلك يثبت للعالم كله أن مصر بلد الأمن والأمان والحب و الدفئ. وكان ختامها مسك بزيارة الرئيس عبد الله ملك الأردن وانعقاد القمة الثلاثية في جو يملؤه البهجة والطمأنينة والتفاؤل المنبثق من المستقبل المشرق. فهذا المشهد تلمسه العالم بأثره وعقب عليه بأجمل الكلمات والعبارات التي تعبر على خلق الرئيس الرفيع المستوى محققا كلمته الجميلة “إذا أحببت رسول الله فعليك أن تتحلى بخلقه”. َلكن في المقابل من هذا وعلى النقيض منه تماما نشهد منظرا أخر تندى له الجبين، ويخجل منه الخلق الرفيع، نجد ما حدث بين السيد وزير التربية والتعليم وبين مدير مدرية الباجور بمحافظة المنوفية. والذي كانت نتيجته وفاة الأستاذ مدير المديرية. وهنا لي وقفة وهي الوفاة؛ فكل إنسان له عمره الذي حدده له الله وهذا الموقف ماهو إلا سببا لانتهاء أجله؛ فهذا الرجل المحترم سواء ما حدث له مع السيد الوزير أو مع غيره أو دون أي إنسان أخر فالأجل بالنسبة له قد حان، وهذه الساعة المحددة له تحقيقا للقول “تعددت الأسباب والموت واحد” وتحقيقا لقول الله تعالى ” ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون” صدق الله العظيم. لكن هذا لا ينفي سوء معاملة السيد وزير التربية والتعليم معه. فلماذا الإهانة؟ ولماذا التقليل من شأنه؟ وخاصة أنه في منصب كبير، ويرأس عشرات من البشر. هذا إلى جانب سنه الكبير. كيف تكون هذه المعاملة مع رجل ربى أجيال وأخرج من تحت يديه جميع فئات البشر المختلفة ( الطبيب – المهندس – المعلم – المحامي – العالم….. إلخ)؟كيف يكون هذا الأسلوب المتبع معه؛ فمع احترامي للسيد الوزير إنه موظف مثله مثل أي معلم، ومنصبه لا يعطيه الحق في إهانة أي معلم حتى و لوكان مقصرا، ولكن يعطيه الحق في إتخاذ الإجراءات القانونية التي تدين هذا التقصير. فلماذا هذا التعامل مع المعلمين؟ ما الذي ارتكبه المعلمون ليكون هذا الأسلوب المتبع في التعامل معهم معهم؟ أهذه هي المكافأة التي تعطيها الوزارة للمعلم جراء تحمله فوق طاقته من النصاب؟ فكل معلم يأخذ نصاب أكثر من نصابه بكثير لكي تسير العملية التعليمية بنجاح، على الرغم من كبر السن، والأمراض التي ألحقت به. أهذه كلمة الشكر التي تقدم له؟ أهذا هو التقدير الذي يقدر به؟ فكيف يصير معلما ملهما، وهو مهانا بسبب المتابعات المختلفة ليس كلها بل أغلبها – ، والتى يصعب عليها تقديم الشكر والثناء على العمل الجيد والحسن، بل كل همها رصد السلبيات؟ أليس المعلم بشرا مثله مثل أي فرد في الدولة قد يصيب وقد يخطئ؟ أليس دور المتابع تشجيع المتميز، ورصد السلبيات وتقديم العلاج لها، ولكن بأدب واحترام دون إلحاق الضرر النفسي لأي إنسان؟ ودون إهانته؟ أبعد أن كان المعلم مربيا لأجيال متتابعة، متحملا مشاق مهنته، وعرفانا منه بقدسيتها، يعامل وكأنه مجرما؟ يعامل وكأنه صاحب سابقة إجرامية؟ من يقول هذا؟ صحيح أن هناك فئة من المعلمين أسأت إلى العملية التعليمية، ولا نستطيع أن ننكر هذا. لكن هذه الفئة قليلة لا تذكر والنسبة الأكبر من المعلمين شرفاء، يحبون مهنتهم ويقدسونها. فكيف تتقدم أمة والمعلم فيها مهان؟ وكيف يرقي مجتمع والمعلم فيه مهان؟ فإني باسمي وباسم جميع زملائي المعلمين أناشد سيادة الرئيس ( عبد الفتاح السيسي) أن ينظر إلى المعلم، ومكانته. فإن كانت الدولة عاجزة على إعطاء المعلم حقوقه المادية؛ نظرا للظروف المادية والاقتصادية التي تلحق بالدولة فعلي الأقل نحفظ له كيانه واحترامه؛ وخاصة إني أرى السيد الرئيس عندما يقدم لوما لأحد حتى ولو كان مقصرا، يقدمه بخلق رفيع المستوى. فكيف يكون ذلك أخلاق رئيس الدولة؟ وكيف نجد أحد الوزراء بهذا الخلق؟ فأتمني ان ترجع هيبة المعلم، ومكانته كما كان يحظى بها سابقا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى