البترول والغاز: ديناميكية الأسواق العالمية وتداعيات التحولات الجيوسياسية

يكتب ✍✍✍ دكتور / علي جمال عبد الجواد مدرس أدارة الأعمال والمالية .
لا شك أن البترول والغاز الطبيعي يعتبران من أبرز ركائز الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، يظل تأثيرهما في الأسواق العالمية أكثر من مجرد سلعة تجارية تُباع وتُشترى. فهما محركان أساسيان للأزمات الاقتصادية والجيوسياسية في الكثير من الأحيان، ويتأثران ليس فقط بالعرض والطلب، بل أيضًا بالعوامل السياسية والتكنولوجية والبيئية التي تجعل من أسواق الطاقة ساحة تنافس معقدة. فما هو واقع أسواق النفط والغاز في الوقت الحالي؟ وكيف تشكل التحولات في هذا القطاع صورة الاقتصاد العالمي؟
البترول: من الوقود التقليدي إلى السياسة العالمية
البترول ليس مجرد وقود، بل هو حجر الزاوية في الاقتصاد العالمي، ومصدرًا للقوة السياسية في بعض الأحيان. ومن خلال التحكم في الإنتاج، تسعى الدول المنتجة الكبرى مثل المملكة العربية السعودية وروسيا إلى فرض تأثيرها على الأسواق العالمية. لعبت منظمة أوبك منذ تأسيسها دورًا رئيسيًا في محاولة ضبط إنتاج النفط وضمان استقرار الأسعار. ومع دخول روسيا إلى اللعبة عبر تحالف أوبك+، أصبح تأثير السوق أكثر تعقيدًا، خاصة عندما تتشابك السياسة مع الاقتصاد.
شهدت أسواق النفط تقلبات حادة في السنوات الأخيرة. ففي عام 2020، وفي ذروة جائحة كورونا، انخفضت أسعار النفط بشكل غير مسبوق، حيث وصل سعر البرميل إلى ما دون الصفر في بعض الأسواق. ومع الانتعاش التدريجي في الطلب على النفط بعد تخفيف قيود الجائحة، شهدت الأسعار عودة قوية، ولكنها ظلت عرضة لتقلبات بسبب العوامل السياسية والعسكرية.
الحرب الروسية الأوكرانية كانت أحد العوامل الرئيسة التي أثرت بشكل كبير على أسواق النفط في 2022. فالعديد من الدول الغربية فرضت عقوبات على روسيا، مما أدى إلى نقص حاد في الإمدادات الأوروبية، مما دفع إلى ارتفاع الأسعار بشكل مفاجئ. هذه الأزمات قد تسببت في تغيير استراتيجيات الإنتاج، حيث تسعى بعض الدول المنتجة للنفط إلى تقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية في الغرب وتحقيق شراكات جديدة مع الصين والهند.