مقال

بين الكلمات والروح”

جريدة الأضواء المصرية

عنوان المقال: “بين الكلمات والروح”

في عالم مليء بالصخب والضجيج، تصبح الكلمات أحيانًا أضعف من أن تواكب همسات الروح. تلك الهمسات التي لا يسمعها إلا من يسكنون عمق الحياة، ممن يستطيعون أن يروا ما وراء السطور، وأن يفهموا ما بين الكلمات من معانٍ غير مرئية.

الكلمات، وهي أداة التواصل الأولى بين البشر، قد تكون في بعض الأحيان عبئًا ثقيلًا على النفس. لكنها أيضًا قد تكون مفتاحًا يُفتح به باب الفهم والتفاهم. فكل كلمة نلفظها تحمل في طياتها روحًا نابعة من داخلنا، تحمل معها مشاعرنا، أفكارنا، ورغباتنا. لكن الكلمات وحدها لا تكفي، لأنها مهما كانت معبرة، تظل ناقصة ما لم تُنقل من القلب إلى القلب، وما لم تتناغم مع ما وراءها من نوايا.

لكن، هل الكلمات تملك القوة الكافية لتغير الواقع؟ ربما لا. فالعالم اليوم مليء بالأصوات الجوفاء، بالكلمات التي تُقال بلا طعم أو معنى. نعيش في زمان أصبحت فيه الكلمات مجرد أداة للتعبير عن المواقف، لكننا نادراً ما نجد فيها صدى للروح أو تناغماً مع أعماقنا.

في اللحظات التي تغيب فيها الكلمات، تبرز حقيقة أخرى: الصمت. الصمت الذي يمكن أن يكون أكثر بلاغة من الكلمات، وأن يحمل معانٍ أعمق من أي حديث قد يقال. الصمت ليس غيابًا عن التعبير، بل هو أحيانًا أبلغ من أي كلمة تقال. فهو يشير إلى اللحظات التي يتلاقى فيها القلب مع القلب، بعيدا عن الضوضاء، وفي هذا اللقاء، يكون الفهم أصدق.

من هنا، نستطيع أن نرى أن الكلمات، على الرغم من أهميتها، تبقى مجرد وسيلة. أما الروح، فهي ما يعبر عن ذاته بصدق، بعيدًا عن أي قناع أو فخ. قد تنجح الكلمات في نقل الأفكار، ولكن الروح وحدها هي التي تنقل الأحاسيس، وتخترق أعماق الآخرين.

نختتم إذن هذا الحديث بأن الكلمات هي رحلة من القلب إلى القلب، لكنها لا تكتمل إلا عندما تكون مرآة لروحنا. وعندما نعلم كيف نتواصل بتلك الأرواح، بعيدًا عن كل ما يثقلنا من كلمات، فإننا نكون قد وجدنا الطريق الحقيقي للتفاهم والاتصال.

ربا رباعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى