مقال

الإستقامة والثبات على الدين

جريدة الأضواء المصرية

الإستقامة والثبات على الدين 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلّ اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد، لقد انقضي شهر رمضان المبارك، ولكن بعد إنتهائه هل إنقضت معه الأعمال الصالحه، فبعد أن إنتهت زكاة الفطر فهناك الزكاة المفروضه وهناك أبواب للصدقه والتطوع والجهاد كثيرة، وقرأة القرآن وتدبره ليست خاصه برمضان، بل هي في كل وقت، وهكذا فالأعمال الصالحه في كل وقت وكل زمان، فاجتهدوا الأحبة في الله في الطاعات، وإياكم والكسل والفتور، فالله الله في الإستقامة والثبات على الدين في كل حين فلا تدروا متى يلقاكم ملك الموت فإحذروا أن يأتيكم وأنتم على معصية، وأكثروا من الإستغفار. 

فإنه ختام الأعمال الصالحة كالصلاة والحج والمجالس، وكذلك يُختم الصيام بكثرة الأستغفار، فقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالإستغفار والصدقة وقال قولوا كما قال أبوكم آدم ” ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ” وكما قال الخليل ابراهيم عليه السلام ” والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ” وكما قال نبي الله موسى عليه السلام ” ربي إني ظلمت نفسي فأغفر لي ” وكما قال نبي الله يونس ذو النون عليه السلام ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” فأكثروا من شكر الله تعالى أن وفقكم لصيامه وقيامه، فإن الله عز وجل قال في آخر آية الصيام كما جاء فى سورة البقرة ” ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون” والشكر ليس باللسان وإنما بالقلب والأقوال والأعمال. 

وعدم الإدبار بعد الإقبال، فإن الفائزين في رمضان كانوا في نهارهم صائمون وفي ليلهم ساجدون، بكاء وخشوع وفي الغروب والأسحار تسبيح وتهليل وذكر واستغفار ما تركوا بابا من أبواب الخير إلا ولجوه ولكنهم مع ذلك قلوبهم وجله وخائفة، لا يدرون هل قبلت أعمالهم أم لم تقبل ؟ وهل كانت خالصة لوجه الله أم لا ؟ فلقد كان السلف الصالحون يحملون هّم قبول العمل أكثر من العمل نفسه، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة المؤمنون ” والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجله أنهم إلى ربهم راجعون” فهذه هي صفة من أوصاف المؤمنين أى يعطون العطاء من زكاة وصدقة، ويتقربون بأنواع القربات من أفعال الخير والبر وهم يخافون أن لا تقبل منهم أعمالهم، وقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه” كونوا لقبول العمل أشد أهتماما من العمل. 

ألم تسمعوا قول الله عز وجل ” إنما يتقبل الله من المتقين” فمن منا أشغله هذا الهاجس قبول العمل أو رده في هذه الأيام ؟ ومن منا لهج لسانه بالدعاء أن يتقبل الله منه رمضان ؟ فلقد كان السلف الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان، ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم، فنسأل الله أن نكون من هؤلاء الفائزين، وإن من علامات قبول العمل هو الحسنه بعد الحسنه، فإتيان المسلمون بعد رمضان بالطاعات والقربات والمحافظة عليها دليل على رضى الله عن العبد، وإذا رضى الله عن العبد وفقه إلى عمل الطاعة وترك المعصية، وكذلك انشراح الصدر للعبادة والشعور بلذة الطاعة وحلاوة الإيمان والفرح بتقديم الخير حيث أن المؤمن هو الذي تسره حسنته وتسوءه سيئته.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى