مقال

حكم الاعتكاف للمرأة

جريدة الأضواء المصرية

حكم الاعتكاف للمرأة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين الذي تفرد بأوصاف عظمته وكمال وتقدس بعز كبريائه وجلاله، وتوحد بالخلق والإبداع فلا شريك له في أفعاله وعم كل مخلوق جزيل أفضاله، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن موضوع الإعتكاف، وقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المعتكف “هو الذي يعكف الذنوب ويجرى له من الحسنات كعامل الحسنات كلها” وروى أبو الدرداء مرفوعا “من إعتكف ليلة كان له كأجره عمرة، ومن اعتكف ليلتين كان له كأجر عمرتين” 

ثم ذكر على قدر ذلك، وأما عن حكم الاعتكاف للمرأة، فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الاعتكاف للمرأة على قولين، فالقول الأول وهو أنه يسن لها الاعتكاف كالرجل، وهو قول جمهور أهل العلم، والقول الثاني وهوأنه يكره للمرأة الشابة، وبه قال القاضي من الحنابلة، وقد استدل الجمهور بالأدلة الآتية وهو أن عموم أدلة مشروعية الاعتكاف وهي تشمل الرجل والمرأة الشابة، وقوله تعالى عن السيدة مريم “فاتخذت من دونهم حجابا” وكما في قوله تعالى ” كلما دخل عليها زكريا المحراب” فمريم عليها السلام أخبر الله سبحانه أنها جعلت محررة له، وكانت مقيمة في المسجد الأقصى في المحراب، وأنها انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا، وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه وشرع ما قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بنسخه. 

وكما في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، وفيه “إذنه صلى الله عليه وسلم لعائشة وحفصة رضي الله عنهما أن يعتكفا معه” وكانتا شابتين، وأيضا حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، وقالت “اعتكفت معه امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي” وقد جاء مفسرا بأنها أم سلمة، وهي ليست عجوزا، وكما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت “كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن” وحيضها يدل على عدم كبرها، وأنه لا يكره لها خروجها لمصلحة متعينة من عيادة أهلها ونحو ذلك، ولا يكره لها حج النافلة بل هو جهادها مع أن خوف الفتنة به اشد لما لم يكن فعله إلا كذلك، وكذا الاعتكاف. 

وأما عن دليل من قال بالكراهة للشابة، فهو حديث السيدة عائشة رضي الله عنها وفيه “أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنقض قباب أزواجه لما أردن الاعتكاف معه” ونوقش هذا الاستدلال بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بنقض الأبنية، ولما خافه عليهن من المنافسة والغيرة، ولهذا قال “آلبر يردن؟” وأيضا حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل” ونوقش هذا الاستدلال بأنه لا يدل على عدم مشروعية الإعتكاف للشابة لذات العبادة، وإنما يدل على منع المرأة من المسجد إذا خشيت الفتنة منها أو من غيرها، ولأنه خروج من البيت لغير حاجة فكره للشاة كالخروج للجمعة والجماعة، ونوقش هذا الإستدلال من وجهين. 

فالوجه الأول هو عدم تسليم كراهة الجمعة والجماعة للشابة، والوجه الثاني وهو أن الخروج للجمعة والجماعة لها مندوحة عنه بأن تصلي في بيتها، والراجح والله أعلم هو القول الأول لعموم الأدلة، وصراحتها ولأن الأصل أن ما ثبت في حق الرجل ثبت في حق المرأة إلا لدليل، ولمناقشة دليل القول الآخر، وقال ابن عبد البر “والاعتكاف هو في العشر الأواخر من رمضان سنة، وفي غير رمضان جائز” وقال أيضا”وأجمعوا أن سنة الاعتكاف المندوب إليها شهر رمضان كله أو بعضه وأنه جائز في السنة كلها إلا ما ذكرنا”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى