مقالات دينية

أقبل على التوبة قبل أن يأتيك الموت

جريدة الأضواء المصرية

أقبل على التوبة قبل أن يأتيك الموت
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، أحمده على ما يفعل ويصنع، وأشكره على ما يزوى ويدفع، وأتوكل عليه وأقنع وأرضى بما يعطى ويمنع، سبحانه لا حد يناله، لا عد يحتاله، لا أمد يحصره، لا أحد ينصره، لا ولد يشفعه، لا عدد يجمعه، لا مكان يمسكه، لا زمان يدركه، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير شهادة أعدها من أكبر نعمه وعطائه، وأعدها وسيلة إلي يوم لقائه، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، صلي الله عليه وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه وإتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد عليك أخي الصائم أن تسرع إلى باب التوبة وأقبل على الله تعالي بالندم والإستغفار، يغفر الله تعالي لك الذنب مهما تكرر منك مرات ومرات.

فقال أبو حاتم رضي الله عنه في قوله ” اعمل ما شئت” أي هو لفظة تهديد أعقبت بوعد ويريد بقوله ” اعمل ما شئت ” أي لا تعص، وقوله ” قد غفرت لك” يريد إذا تبت، فمهما أسرفت على نفسك من المعاصي لا تيأس فباب التوبة مفتوح، حيث قال الله تعالى ” قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ” ويقول الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله تعالي يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر، وسبب نزل هذه الآية الكريمة، هو كما قال ابن عباس رضي الله عنهما أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروان فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم.

فقالوا إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، بل إن الله تعالي يفرح بتوبة العبد إذا أذنب وتاب من ذنبه، فيا أخي الصائم اعلم أن قلبك مسودّ من كثرة المعاصي طوال الأحد عشر شهرا الماضية لأن كل ذنب إرتكبته نكت نكتة سوداء في القلب حتى اسود وأظلم وعلاه الصديد والران، فعليك أن تغسل قلبك وتطهره مما علق به من سواد وران وصديد، واعلم أن ما أنت فيه من ضيق في الرزق وهم وحزن وفقر ومرض سببه كثرة المعاصي وظلمة القلب وما أجمل مقولة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما “إن للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القبر والقلب ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضة في قلوب الخلق” فعلى الصائم أن يداوم على الإستغفار والتوبة.

في كل وقت وحين فإن عرف أنه إرتكب ذنبا تداركه بالتوبة والإستغفار والحسنات الماحية، حيث قال مجاهد وكّل الله بالإنسان مع علمه بأحواله ملكين بالليل وملكين بالنهار يحفظان عمله، ويكتبان أثره إلزاما للحجة، أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شماله يكتب السيئات، فذلك قوله تعالى ” عن اليمين وعن الشمال قعيد” ومن رحمة الله بنا أن العبد إذا فعل حسنة كتبها ملك الحسنات في الحال عشر حسنات وإذا فعل سيئة كتبت بمثلها، بل من كرم الله تعالي وفضله على عباده أن العبد إذا فعل سيئة لم يكتبها ملك السيئات بل يصبر عليه ست ساعات لعله يستغفر الله عز وجل فلا تكتب، وقال الأحنف بن قيس صاحب اليمين يكتب الخير، وهو أمير على صاحب الشمال، فإن أصاب العبد خطيئة قال له أمسك، فإن استغفر الله تعالى نهاه أن يكتبها، وإن أبى كتبها”

ومن المعلوم أن الإنسان كثير الكلام وكلما كثر كلامه كثر لغطه فينبغي عليه أن يكثر من الإستغفار والتوبة في كل وقت وحين وخصوصا في هذا الشهر الفضيل، فقد يقع في لغو الكلام وباطله وخبيثه دون أن يشعر أو يلقي له بالا وهذا حبيبكم صلى الله عليه وسلم يستغفر ربه في اليوم أكثر من سبعين مرة وقد غفر له ذنبه المتقدم منه والمتأخر ونحن أكلتنا الذنوب ولم نستغفر الله بالمرة، فرمضان فرصة عظيمة لكل من ألف المعصية فأقبل على الله قبل فوات الأوان، أقبل على التوبة قبل أن يأتيك الموت بغتة وتندم ولا ينفع الندم، قبل أن تأتيك غرغرة الموت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى