منهج السلف الصالح في رمضان

منهج السلف الصالح في رمضان
بقلم/ د. علوي القاضي
كان للسلف الصالح منهج رباني نبوي في عبادتهم ، وقد إستاقوه من الرسول صل الله عليه وسلم وصحابته والتابعين
ومن ذلك كان لهم برنامج في ختم القرآن وبالذات في شهر رمضان
فكان السلف الصالح يتفاوتون في عدد مرات ختم القرآن ، فمنهم من كان يختمه في يوم واحد ، ومنهم في ثلاثة أيام ، ومنهم في أسبوع ، ومنهم في شهر ، وذلك بحسب القدرة والإستطاعة
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يختمه في ليلة واحدة ، و الإمام الشافعي رحمه الله كان يختمه ستين مرة في رمضان مرتين يوميًا ، و عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه بدأ بختمه كل ليلة ، فأمره النبي ﷺ أن يجعله كل ثلاثة أيام
لذلك كان لقراءة القرٱن شروط :
الوسطية في تلاوة القرآن مطلوبة ، فبالرغم من حرص الصحابة على ختم القرآن سريعا ، إلا أن النبي ﷺ أرشد إلى التوازن بين الختم والتدبر ، فقال لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : (إقرأه في شهر) ، قال: إني أجد قوة ، حتى قال له : فاقرأه في ثلاث
و التدبر ضروري وننصح به عند ختم القرآن ، فالأصل في قراءة القرآن أن تكون مع فهم وتدبر ، كما قال تعالى
(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)
و الخشوع والتأثر ، فقد بكى النبي ﷺ عندما قرأ عليه إبن مسعود سورة النساء
ثم التطبيق العملي ، فقد كان الصحابة يطبقون مايقرؤونه من القرآن في حياتهم اليومية
فياأخي الكريم إختم القرآن في الأسبوع فهذه سنة الصحابة والسلف ، فإذا أردت أن تتبع منهج الصحابة في ختم القرآن أسبوعيًا ، يمكنك إتباع التقسيم التالي ، المعروف بـ تحزيب الصحابة :
اليوم الأول من الفاتحة إلى المائدة
اليوم الثاني من الأنعام إلى هود
اليوم الثالث من يوسف إلى مريم
اليوم الرابع من طه إلى القصص
اليوم الخامس من العنكبوت إلى ص
اليوم السادس من الزمر إلى الرحمن
اليوم السابع من الواقعة إلى الناس
وبهذا الترتيب ، يمكنك ختم القرآن في أسبوع كما كان بعض الصحابة يفعلون ، وهو مناسب لمن يريد الجمع بين الختم المنتظم والتدبر
ولم يقتصر منهج السلف الصالح علي قراءة القرٱن بل شمل المنهج كل مناحي الحياة من سكنات وحركات وأفعال وماينطقون ومايسرون ، فكان من منهجهم :
إعمل للدنيا بقدر مقامك فيها ، وإعمل للآخرة بقدر بقائك فيها ، وإعمل للجنة بقدر اشتياقك إليها ، ولاتنسَ أن تعمل للنار بقدر صبرك عليها ! ، كلنا راحلون منها ، وتبقى بصمات الخير تشهد لنا من بعدنا
وكان السلف يؤمنون بأن السكن في الدنيا يحتاج إلى فكر ، والسكن في الجنة يحتاج إلى ذكر ، وقد شغلنا الفكر عن الذكر ، فاذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ، فالحمد لله دائماً وأبداً ، فكن مع الله ولا تبالي ، مهما كانت الحياة صعبة ومهما كانت الأبواب مغلقة ، فتأكد أن الذي شق البحر لموسى ، قادر على أن يفتح لك كل الأبواب المغلقة
وأعلم أن الطريق إلى الله ليس مُمهدًا ، إيمانكَ سيصعد وينزل ، وقدرتكَ علىٰ العبادة ستزيد وتنقص ، ولكن أعلم أن مع كل فتور هناكَ أرتفاع ، فالإيمان يزيد وينقص ، أيضًا أبق صامدًا فحسب في الغار (إنّ الله معنا) ، وفي بطن الحوت لا إله إلّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، وفي السجن ماكان لنا أن نُشرك بالله ، وفي الكهف لن ندعوا من دونه إلهًا ، ففي كل الأحوال التوحيد نجاة ! ، لا اله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو علی كل شئ قدير
وكانوا دائما يدعون بهذه الأدعية :
اللهم اجعل خلقك شهداء لنا بالخير في أرضك وسمائك
اللهم لاتحرمنا سعة رحمتك ، وسبوغ نعمتك ، وشمول عافيتك ، وجزيل عطائك ، ولاتمنع عنا هباتك لسوء ماعندنا ، ولاتجازينا بقبيح أعمالنا ، ولاتصرف وجهك الكريم عنا برحمتك ياأرحم الراحمين
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، اللهم لك الحمد عدد خلقك ورضى نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك ، اللهم أهدى أولادنا وأشرح صدورهم وأرزقهم الصحبه الصالحة وارزقنا برهم
وٱخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
كل عام وحضراتكم بخير.