منوعات

الصلاة هي صلة بين العبد وبين ربه

جريدة الأضواء المصرية

الصلاة هي صلة بين العبد وبين ربه
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله برحمته اهتدى المهتدون، وبعدله وحكمته ضلّ الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على محجّة بيضاء لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء والظنون، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ثم أما بعد إن الصلاة هي صلة بين العبد وبين ربه سبحانه وتعالي، فيقف بين يديه مكبرا معظما يتلو كتابه ويسبحه ويعظمه ويسأله من حاجات دينه ودنياه ما شاء جدير بمن كان متصلا بربه أن ينسى كل شيء دونه، وأن يكون حين هذه الصلة خاشعا قانتا معظما مستريحا، ولذلك كانت الصلاة قرة أعين العارفين، وراحة قلوبهم لما يجدون فيها من اللذة والأنس بربهم ومعبودهم ومحبوبهم جدير بمن إتصل بربه.

أن يخرج من صلاته بقلب غير القلب الذي دخلها فيه أن يخرج منها مملوءا قلبه فرحا وسرورا وإنابة إلى ربه وإيمانا ولذلك كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لما يحصل للقلب منها من النور والإيمان والإنابة جدير بمن عرف حقيقة الصلاة وفائدتها وثمراتها أن تكون أكبر همه وأن يكون منتظرا إليها مشتاقا إليها ينتظر تلك الساعة بغاية الشوق حتى إذا بلغها ظفر بمطلوبه، وإتصل إتصالا كاملا بمحبوبه، وقال العلامة بن عثيمين رحمه الله وإذا تبين كفر تارك الصلاة فإنه يترتب عليه أنه لا يصح أن يزوج، فإن عقد له وهو لا يصلي فالنكاح باطل ولا تحل له الزوجة، وأما إذا ترك الصلاة بعد أن عقد له فإنه نكاحه ينفسخ ولا تحل له الزوجة، وكما أن الرجل الذي لا يصلي إذا زوج لا تؤكل ذبيحته وذلك لأنه كافر ولو ذبح يهودي أو نصراني فذبيحته حلال.

لنا أن نأكل منها فتكون ذبيحته والعياذ بالله أخبث من ذبيحة اليهود والنصارى، وكذلك لا يحل له دخول مكة المكرمة، فيا أيها المسلمون إن كثيرا من المصلين لا يعرفون فائدة الصلاة حقيقة، ولا يقدرونها حق قدرها، ولذلك ثقلت الصلاة عليهم، ولم تكن قرة لأعينهم، ولا راحة لأنفسهم ولا نورا لقلوبهم، ترى كثيرا منهم ينقرون الصلاة نقر الغراب لا يطمئنون فيها، ولا يذكرون الله فيها إلا قليلا، وهؤلاء لا صلاة لهم، ولو صلوا ألف مرة لأن الطمأنينة في الصلاة ركن من أركانها، ولذلك قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم للرجل الذي كان لا يطمئن في صلاته ” ارجع فصلي فإنك لم تصلي ” فصلى عدة مرات، وكل مرة يقول له النبي صلى الله عليه وسلم ” ارجع فصلي فإنك لم تصلي” حتى علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالطمأنينة.

وتجد كثيرا من الناس إن لم يكن أكثر الناس يصلي بجسمه لا بقلبه جسمه في المصلى، وقلبه في كل وادي، فليس في قلبه خشوع لأنه يجول، ويفكر في كل شيء، حتى في الأمور التي لا مصلحة له منها، وهذا ينقص الصلاة نقصا كبيرا، وهو الذي يجعلها قليلة الفائدة للقلب بحيث يخرج هذا المصلي من صلاته، وهي لم تزده إيمانا ولا نورا، وقد فشا هذا الأمر أعني الهواجيس في الصلاة، ولكن الذي يعين على إزالته هو أن يفتقر العبد إلى ربه، ويسأله دائما أن يعينه على إحسان العمل، وأن يستحضر عند دخوله في الصلاة أنه سيقف بين يدي ربه وخالقه الذي يعلم سره ونجواه، ويعلم ما توسوس به نفسه، وأن يعتقد بأنه إذا أقبل على ربه بقلبه أقبل الله عليه، وإن أعرض أعرض الله عنه، وأن يؤمن بأن روح الصلاة ولبها هو الخشوع فيها وحضور القلب.

وأن الصلاة بلا خشوع القلب كالجسم بلا روح وكالقشور بلا لب ومن الأمور التي تستوجب حضور القلب أن يستحضر معنى ما يقول، وما يفعل في صلاته وأنه إذا كبر، ورفع يديه فهو تعظيم لله تعالي وإذا وضع اليمنى على اليسرى، فهو ذل بين يديه، وإذا ركع، فهو تعظيم لله، وإذا سجد، فهو تطامن أمام علو الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى