الاقتصاد

الذكاء الاصطناعي في خدمة العدالة الضريبية

جريدة الأضواء المصرية

الذكاء الاصطناعي في خدمة العدالة الضريبية

كتب محمد محسن رمضان 

 

يعتبر إستخدام الذكاء الإصطناعي في الضرائب ثورة في الفحص والتدقيق لتحقيق الشفافية والنزاهة، وتحسين أنظمة الفحص الضريبي نحو عدالة ضريبية تعتمد على البيانات.

 

حيث يشهد العالم تطورًا متسارعًا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) في مختلف المجالات، ومن أبرزها قطاع الضرائب، حيث أصبح تحسين أنظمة الفحص الضريبي أحد أهم الأولويات لتحقيق العدالة المالية، وتقليل الفساد، وتعزيز الكفاءة في جمع الإيرادات.

 

 سنستعرض في هذا المقال كيف يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي، لتحسين أنظمة الفحص الضريبي، وتقديم نماذج وأمثلة عملية تعكس نجاح هذه التكنولوجيا.

 

التحديات التقليدية في أنظمة الفحص الضريبي:

تعتمد معظم أنظمة الفحص الضريبي التقليدية على مراجعة عشوائية أو تقديرات جزافية للضرائب المستحقة، مما يؤدي إلى إهدار الموارد البشرية.

 

عيوب أنظمة الفحص الضريبي التقليدية

*ضعف العدالة:

حيث تُستهلك الكثير من الوقت والجهد في مراجعة حالات قد تكون خالية من المخالفات، و يمكن أن تتسبب التقديرات الجزافية في تحميل بعض الأفراد أو الشركات أعباء ضريبية غير عادلة.

 

*صعوبة اكتشاف المخالفات المعقدة: 

قد تفشل الأنظمة التقليدية في اكتشاف التهرب الضريبي بسبب أساليب التلاعب المالي المتطورة.

 

 دور الذكاء الاصطناعي في تحسين أنظمة الفحص الضريبي

 

 يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورة في مجال الفحص الضريبي من خلال:

* تحليل البيانات الضخمة (Big Data):

حيث يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحليل كميات هائلة من البيانات المالية والمصرفية والتجارية بسرعة فائقة، ويساعد في تحديد الأنماط التي تشير إلى أنشطة غير طبيعية أو تهرب ضريبي.

 

مثال: استخدام خوارزميات تحليل الشبكات للكشف عن التحويلات المالية المريبة بين الشركات.

 

* الكشف عن الأنشطة المشبوهة (Anomaly Detection):

تعمل خوارزميات التعلم الآلي على اكتشاف الحالات التي تختلف عن الأنماط المعتادة.

مثال: عند تقديم شركة أرباحًا منخفضة بشكل غير منطقي مقارنة بحجم مبيعاتها.

 

* التنبؤ بالحالات عالية الخطورة:

يمكن تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالحالات التي تتطلب مراجعة دقيقة استنادًا إلى تاريخ المخالفات الضريبية.

مثال: دراسة السجلات الضريبية للشركات وتحديد تلك التي لديها احتمالية أعلى للتهرب الضريبي.

 

* تقليل الاعتماد على التقديرات الجزافية:

تعتمد الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي على بيانات دقيقة، مما يقلل من التحيز البشري والتقديرات غير الدقيقة.

 

* الذكاء الاصطناعي وإحداث ثورة في النظام الضريبي 

مثال: أتمنة المهام المتكررة:

سيقوم الذكاء الاصطناعي بأتمنة المهام الروتينية مثل إدخال البيانات والتحقق منها وتقديم الإقرارات الضريبية، مما يفرغ موظفي الضرائب للتركيز على المهام الأكثر أهمية مثل التحقق من صحة المعلومات وتحديد حالات التهرب الضريبي.

 

سيؤدي ذلك إلى تسريع عملية تقديم الإقرارات الضريبية وتقليل الأخطاء، مما يُوفر الوقت والجهد على دافعي الضرائب.

 

 توسيع قاعدة الضرائب:

يُمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات من مصادر متنوعة مثل البنوك وشركات الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي، مما يُساعد على تحديد الأشخاص الذين لا يدفعون حصتهم العادلة من الضرائب.

 

سيؤدي ذلك إلى توسيع قاعدة دافعى الضرائب وضمان حصول الدولة على مستحقاتها العادلة، مما يُساهم في تمويل الخدمات العامة وتحسين حياة المواطنين.

 

*مكافحة التهرب الضريبي:

يُمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أنماط الإنفاق وسلوكيات دافعي الضرائب، مما يُساعد على تحديد حالات الاحتيال والتهرب الضريبي بشكل مبكر.

 

سيؤدي ذلك إلى الحفاظ على حقوق الخزانة العامة للدولة واسترداد الأموال الضائعة عن طريق التهرب الضريبى، مما يُعزز العدالة الضريبية ويُحافظ على موارد الدولة.

 

*أمثلة واقعية عالمية لتطبيق الذكاء الاصطناعي في الفحص الضريبي:

 

1- تجربة المملكة المتحدة (HMRC):

تستخدم هيئة الإيرادات والجمارك في المملكة المتحدة أنظمة ذكاء اصطناعي لتحليل بيانات ملايين الأفراد والشركات, حيث تم الكشف عن العديد من الأنشطة غير المعلنة باستخدام نماذج تنبؤية دقيقة.

 

2- تجربة الهند (GSTN):

في نظام ضريبة السلع والخدمات (GST)، يتم استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لمطابقة الفواتير والكشف عن الفواتير الوهمية.، حيث أدى ذلك إلى استرداد مليارات الدولارات من الضرائب المفقودة.

 

3- تجربة الولايات المتحدة (IRS):

تعتمد مصلحة الضرائب الأمريكية على الذكاء الاصطناعي لتحديد الحالات التي تتطلب تدقيقًا مكثفًا، مما ساهم في رفع كفاءة جمع الضرائب.

 

فوائد تطبيق الذكاء الاصطناعي في الفحص الضريبي

1- زيادة الشفافية: حيث يساهم في تقليل التحيز وتحقيق عدالة ضريبية.

 

2- خفض التكاليف: يساعد على تقليل الموارد المطلوبة لعمليات التدقيق التقليدية.

 

3- تحقيق الإيرادات المفقودة: يكشف الأنشطة المتهربة، مما يعزز الإيرادات الحكومية.

 

4- تعزيز الثقة بين الممولين والحكومة: عبر تقديم نظام ضريبي عادل ودقيق.

 

5- تخطيط ضريبي أفضل:

يُمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات الضرائب التاريخية واتجاهات السوق، مما يُساعد الحكومة على اتخاذ قرارات ذكية مبنية على بيانات فعلية حول السياسات الضريبية وتحديد ايرادات الموازنة العامة للدولة.

 

حيث سيؤدي ذلك إلى نظام ضريبي أكثر عدالة وكفاءة و يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي.

 

التحديات المحتملة وكيفية التغلب عليها

حماية البيانات: يتطلب تطبيق الذكاء الاصطناعي ضمان أمان البيانات المالية والمصرفية.

رفض التغيير: قد تواجه الأنظمة التقليدية مقاومة من الأطراف المعنية.

أخطاء الخوارزميات: يمكن تقليل هذه الأخطاء من خلال تحسين نماذج التعلم والتأكد من جودة البيانات المدخلة.

 

الذكاء الاصطناعي نحو مستقبل ضريبي أكثر عدالة

يمثل الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتحقيق العدالة الضريبية وتحسين أنظمة الفحص والتدقيق. ومع تطبيق التكنولوجيا بشكل مدروس وأخلاقي، يمكن تحقيق نظام ضريبي عادل وشفاف يخدم المجتمع بأكمله، ويعزز من كفاءة الإيرادات الحكومية، ويقلل من التهرب الضريبي.

 

الانتقال إلى أنظمة مدعومة بالذكاء

الاصطناعي ليس خيارًا، بل ضرورة في عالم يعتمد على البيانات ويواجه تحديات اقتصادية متزايدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى