حكاية المصريين والأعياد كتبت/ د.نسمة سيف يحب المصريون الاحتفالات، وذلك لأسباب عدة منها البيئة الزراعية والمحاصيل المتنوعة، وذلك بسبب السمت الدينى الذى امتاز به الشعب المصرى من وقت مبكر. الشعب المصرى شعب كريم بطبعه وهو الطبع الذى يظهر فى الكثير من الأوقات فجميع المصريين أيا كانت ظروفهم المادية إذا جاءهم ضيف استقبلوه وتقاسموا اللقمة معه، ونجد أيضا المواطنين فى الشوارع يوزعون المياه والعصائر على المارين وقت الإفطار، وفى بلاد الفلاحين يظهر بشدة خاصة فى الأفراح والمآتم فنجد أن العائلات والجيران يذهبون إلى العائلة التى لديها مناسبة سواء كانت حزينة أو سعيدة بأكلات متنوعة ليتناول المجتمعين فى المناسبة منها، وهو ليس دليل على الكرم فحسب ولكن على التعاون أيضا. عيد الفطر المبارك والتجهيزات التى اعتادت الأسر المصرية عليها من شراء الكحك والبسكويت والترمس وغيرها من الأكلات التى توارثناها جيلا بعد جيل فى هذه المناسبة، نجد أن الأعياد بشكل عام فى مصر مرتبطة بالأكل، فكما ذكرنا عيد الفطر والمرتبط بالكحك والبتيفور والبسكويت والغريبة والترمس والسودانى نجد أيضا عيد الأضحى المرتبط باللحوم إلى أن أصبح يطلق عليه الصغار عيد الأكل. وفى عيد شم النسيم نجد الرنجة والفسيخ والملوحة هم أبطال هذا العيد وجزء من العادات الموروثة للشعب المصرى بشكل عام، فضلا عن البيض الملون والبصل الأخضر، وفى الوقت ذاته نجد أن عيد الغطاس تظل العادة الموروثة هو تناول القلقاس والقصب والبرتقال واليوسفى، وفى عيد الميلاد نجد التورتة هى الأساس لإطفاء الشموع وفى سبوع المولود الجديد نجد الفتة والمكسرات والحلوى هى الأشياء المقدمة فى هذه المناسبة. ولم يقتصر الأمر على الأعياد والمناسبات السعيدة فحسب ولكن المآتم أيضا ارتبطت بالأكل رغم حالة الحزن التى تعم على الكافة فقد اعتادت الأسر المصرية على إعداد المأكولات وأبرزها الفتة خلال أيام استقبال العزاء لتقديمها للمقبلين عليهم، وفى حال الذهاب إلى المقابر تظهر المعجنات والبلح والبرتقال وغيرها من الأكلات التى يتخذها زائر المقابر لتوزيعها على المتواجدين من الأهل والأصدقاء والمارة أيضا وأصبحت مع الوقت عادة موروثة. لم يقتصر ارتباط الكنيسة الأرثوذكسية بالحضارة المصرية القديمة على التقويم السكندرى والاعتماد عليه كتقويم كنسى منذ بداية عصر الشهداء، لكن الكنيسة امتزجت بالحضارة المصرية وأعيادها؛ فقد أخذت بعض الأفكار الظاهرية للأعياد والاحتفالات الدينية فى مصر، ومظاهر الاحتفال بالأعياد فى الكنيسة مأخوذة من المصريين القدماء ظاهرياً فقط. وما زال الارتباط بين الحضارة المصرية والكنيسة القبطية مستمراً؛ إذ تحتفل الكنيسة فى 11 سبتمبر كل عام بعيد النيروز وهو بداية السنة القبطية وبداية السنة المصرية المعروفة بالسنة الزراعية التى قسّمها المصرى القديم لثلاثة مواسم.