مقال

عمر مع بائعة اللبن

جريدة الأضواء المصرية

عمر مع بائعة اللبن
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد روى أن الإمام البخاري صاحب الصحيح رحمه الله تعالى ذهب مسافرا إلى شيخ من الشيوخ ليروي عنه حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل المدينة لا يعرف أين الشيخ؟ فلما دخل في أحد شوارعها وجد رجلا مع فرس وهو يريد أن تلحق به الفرس، ووجد أنه قد رفع ثوبه كأنه يحمل في حجره شيئا، فرأى الفرس تلحق به.

فلما وصل إلى بيته أمسك بالفرس وفتح حجره وإذا به خاليا ليس فيه شيء، فلما نظر البخاري إلى هذه الفعلة قال له أريد فلان بن فلان، فقال له الرجل وماذا تريد منه؟ قال لا أريد منه شيئا سوى أني حدثت أنه يروي عن فلان عن فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، وذكر الحديث، فقال هذا الرجل أنا فلان، وحدثني فلان عن فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا فماذا صنع البخاري؟ أبى أن يروي عنه، وقال إذا كان الرجل يكذب على بهيمته فأخشى أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروي عن أسلم مولي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كنت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعس المدينة إذ أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل، فإذا امرأة تقول لإبنتها يا ابنتاه.

قومي إلى ذلك اللبن، فامذقيه بالماء، فقالت يا أمتاه، وما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين؟ فقالت وما كان من عزمته يا بنية؟ قالت لقد أمر مناديا، فنادى ألا يشاب اللبن بالماء فقالت لها يا إبنتاه، قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء، فإنك في موضع لا يراك عمر ولا منادي عمر، فقالت الصبية لأمها يا أمتاه والله ما كنت لأطيعه في الملأ واعصيه في الخلاء، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يسمع كل ذلك، فقال يا أسلم، علم الباب واعرف الموضع، ثم مضى في عسسه، فلما أصبح قال يا أسلم، امضي إلى الموضع، فانظر من القائلة، ومن المقول لها؟ وهل لهم من بعل؟ فأتيت الموضع، فنظرت، فإذا الجارية أيم لا بعل لها، وإذا تيك المرأة ليس لها بعل، فأتيت عمر وأخبرته، فدعا عمر ولده فجمعهم.

فقال هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أو زوجة؟ فقال عبد الله لي زوجة، وقال عبد الرحمن لي زوجة، وقال عاصم يا أبتاه، لا زوجة لي، زوجني، فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم فولدت لعاصم بنتا وولدت الابنة الخليفة الراشد عمر بن العزيز رحمة الله عليه وعليهم أجمعين، فاللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدرارا، واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك، وبلاغا إلى حين، اللهم غيثا مغيثا غدقا سحّا، مجللا، تغني به البلاد، وتسقي به العباد، وتجعله بلاغا للحاضر والباد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى