
سماحة الإسلام مع أهل الكتاب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وبعد إن من مفاتح السماحة هو البراء من أعداء الله تعالي، ويخلط بعض الناس بين الولاء والسماحة، ويظن أنهما شئ واحد، والحق أن سماحة الإسلام مع أهل الكتاب وغيرهم شيء، وإتخاذهم أولياء شيء آخر، إنه لا مانع من السماحة معهم في البيع والشراء والتعامل، بل إنه يجب أن نعرض ديننا في صورة أخلاق رائعة حقيقة لا وهمية، لا نغش، لا نخلف بل نحسن ونعين المحتاج، نكسو العاري، نطعم الجائع، ندعو، نبين، أما أن نواليهم فلا والولاية هي النصرة والمحبة، وإن الولاء لا يكون إلا لله ولرسوله ولدينه وللمؤمنين.
لأن الكفار بعضهم أولياء بعض، فيجب أن لا يكون لهم في قلوبنا محبة ولا نصرة، فهـم أعداؤنا مادمنا على ملتنا ” ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم” وإنه مطلوب منا أن ندعوهم ونخلصهم وننقذهم من النار، كما كان يفعل نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، فهذا هو اليهودي زيد بن سعنة يعلن إسلامه بسبب موقف الوفاء والحلم المحمدي العظيم إنه موقف أخلاق أسلم بسببه الرجل، فالإسلام هو الدين الكامل الشامل لكل ما يحتاج إليه البشر في دينهم ودنياهم الصالح لكل زمان ومكان إلى أن يرث الله تعالي الأرض ومن عليها وبه أتم الله عز وجل النعمة على عباده ورضيه منهم فلن يسخطه أبدا، وإذا كان هذا الدين هو الذي خلق له العبد وعنه يسأل وعليه يجازى فالعجب كل العجب ممن يتنكر لهذا الدين فيعرض عنه لا يعلمه ولا يتعلمه ولا يعمل به.
بل يبغض الدين وكتب الدين وأهل الدين، وهل ذلك إلا إرتداد على الوراء وإستبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير ومحاربة لله ورسوله وعباده المؤمنين فمن عادى وليا لله فقد بارز الله بالمحاربة قال تعالى في الحديث القدسي “من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب” رواه البخاري، فإلى الإسلام من جديد، يا من يرجون رحمة الله ويخافون عذابه تعلموا الإسلام وافهموه على حقيقته واعملوا به وحكموه في جميع شئونكم لكي تفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة، فلقد تعرف الأعرابي في الصحراء علي وجود الله فيقول “الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير؟” وهذا هو خبر ابن جرير الطبري حيث قال المعافى النهرواني، وحكى لي بعض بني الفرات، عن رجل منهم أو من غيرهم.
أنه كان بحضرة أبي جعفر الطبري رحمه الله قبل موته، وتوفي بعد ساعة أو أقل منها، فذكر له هذا الدعاء، فعن جعفر بن محمد عليهما السلام فإستدعى محبرة وصحيفة فكتبها، فقيل له أفي هذه الحال؟ فقال ينبغي للإنسان أن لا يدع إقتباس العلم حتى يموت” وهذا خبر ابن سعدون حيث ذكر القاضي عياض أنه كان رأسا في كل فن، متقدما فيه قال ” ودخل عليه وهو في النزع بعض أصحابه، فناداه، فلم يجبه، فقال الآخر ” وحيل بينهم وبين ما يشتهون ” وهذا هو خبر مسرّة الحضرمي وذكر عياض، وكان من أهل العلم والزهد التام أنه لما إحتضر ابتدأ القرآن، فإنتهى في سورة طه إلى قوله تعالى ” وعجلت إليك رب لترضي” ففاضت نفسه، وهذا خبر البيروني الفلكي حيث ذكر ياقوت في ترجمة أبي الريحان محمد ابن أحمد الخوارزمي ما كان عليه من حرص في تحصيل العلوم، وتصنيف الكتب.
ثم ذلك له الفقيه الولوالجي قال دخلت على أبي الريحان وهنو يجود بنفسه، وقد حشرج نفسه، وضاق به صدره، فقال لي في تلك الحالة كيف قلت لي يوما حساب الجدات الفاسدة؟ فقلت له إشفاقا عليه أفي هذه الحالة؟ قال لي يا هذا أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة ألا يكون خيرا من أن أُخليها وأنا جاهل بها فأعدت ذلك عليه وحفظ وخرجت من عنده، وأنا في الطريق، فسمعت الصراخ.