مقال

الإبتداع في الدين من الأمور الخطيرة

جريدة الأضواء المصرية

الإبتداع في الدين من الأمور الخطيرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد لقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رجب المحرم، وأما عن العُمرة في شهر رجب، فإنه قد دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في شهر رجب كما ورد عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضى الله عنهما جالس إلى حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، فسئل كم إعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربعا إحداهن في رجب، فكرهنا أن نرد عليه قال وسمعنا إستنان عائشة أم المؤمنين، أي صوت السواك، في الحجرة.

فقال عروة يا أماه يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن ؟ قالت ما يقول ؟ قال يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب، قالت يرحم الله أبا عبد الرحمن ما إعتمر عمرة إلا وهو شاهد، أي حاضر معه، وما إعتمر في رجب قط ” متفق عليه أى رواه البخارى ومسلم، وجاء عند مسلم، وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم، وقد قال النووي، سكوت ابن عمر رضى الله عنهما على إنكار السيدة عائشة رضى الله عنها يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أوشك، ولهذا كان من البدع المحدثة في مثل هذا الشهر تخصيص رجب بالعمرة واعتقاد أن العمرة في رجب فيها فضل معين ولم يرد في ذلك نص إلى جانب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه إعتمر في رجب، وقيل مما بلغ عن أهل مكة زادها الله شرفا هو إعتياد كثرة الاعتمار في رجب.

وهذا مما لا أصل له، بل ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” عمرة في رمضان تعدل حجة” وقيل أيضا أما تخصيص بعض أيام شهر رجب بأى شيء من الأعمال الزيارة وغيرها فلا أصل له لما قرره الإمام أبو شامة في كتاب البدع والحوادث وهو أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع لا ينبغي إذ لا فضل لأي وقت على وقت آخر عدا ما فضله الشرع بنوع من العبادة أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره ولهذا أنكر العلماء تخصيص شهر رجب بكثرة الإعتمار فيه، ولكن لو ذهب الإنسان للعمرة في شهر رجب من غير إعتقاد فضل معين، بل كان مصادفة أو لأنه تيسر له في هذا الوقت فلا بأس بذلك، وأما عن البدع المحدثة في شهر رجب، فإن الإبتداع في الدين من الأمور الخطيرة التي تناقض نصوص الكتاب والسنة فالنبي صلى الله عليه لم يمت إلا وقد اكتمل الدين.

فقال الله تعالى فى كتابه الكريم” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ” وجاء عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد” متفق عليه، وفي رواية للإمام مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” وقد إبتدع بعض الناس في شهر رجب أمورا متعددة فمن ذلك هو صلاة الرغائب وهذه الصلاة شاعت بعد القرون المفضلة وبخاصة في المائة الرابعة وقد إختلقها بعض الكذابين وهي تقام في أول ليلة من شهر رجب، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن صلاة الرغائب بدعة بإتفاق أئمة الدين كمالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث وغيرهم، وإن الحديث المروي فيها كذب بإجماع لأهل المعرفة بالحديث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى