مقال

النبي يشاهد المعركة في مؤتة على مشارف الشام

جريدة الأضواء المصرية

النبي يشاهد المعركة في مؤتة على مشارف الشام
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد الله الذي أسكن عباده هذه الدار وجعلها لهم منزلة سفر من الأسفار وجعل الدار الآخرة هي دار القرار، فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار ويرفق بعباده الأبرار في جميع الأقطار وسبق رحمته بعباده غضبه وهو الرحيم الغفار، أحمده على نعمه الغزار، وأشكره وفضله على من شكر مدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المختار، الرسول المبعوث بالتبشير والإنذار صلى الله عليه وسلم، صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار، أما بعد إنه يجب أن يمتزج حب النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم بتعظيمه وتوقيره صلى الله عليه وسلم، حيث قال الله عز وجل ” ‪‬إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا” وقال إسحاق التجيبي كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

بعده لا يذكرونه إلا خشعوا وإقشعرت جلودهم وبكوا، وكذلك كان التابعون لهم بإحسان، وقال الإمام مالك رحمه الله وهو يتحدث عن شيخه أيوب السختياني قال حججت معه حجتين فكان إذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى أرحمه، قال فلما رأيت ما رأيت من إجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم كتبت عنه الحديث، يعني أنه تتلمذ عليه، وقال مالك رحمه الله أيضا ولقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا نسأله عن حديث أبدا إلا يبكي حتى نرحمه، قال ولقد كنت أرى جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتبسم فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم أصفر وجهه، قال ولقد كان عبدالرحمن بن القاسم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم وقد جف لسانه في فمه هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ولقد كنت آتي عامر بن عبدالله بن الزبير.

فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع، قال ولقد رأيت الزهري وكان من أهنأ الناس وأقربهم فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه ما عرفك ولا عرفته، وكان مالك رحمه الله وهو الذي يحدثنا عن تلك الأحوال، كان من أشد الناس تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم ولحديثه حتى إنه لم يكن يحدّث بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة، وكان ربما ذكر عنده الحديث فيتغير لونه خشوعا وإجلالا، بل لقد لدغته عقرب وهو يحدّث فما قطع التحديث مع أنه كان يمتقع لونه من شدة الألم، وماذاك إلا من إجلاله لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا فليكن توقير خير البشر وتعزيره، ولعمر الله إنه لحقيق بكل توقير وكل تقدير وكل تعزير، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وأما عن غزوات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فمنها غزوة مؤتة بين المسلمين والنصاري في اليمن.

ومع ما حققته معركة مؤتة من أهداف على الصعيد العسكري بإنتصار المسلمين مع قلة عددهم على الروم وكثرة عددهم فقد ظهر فيها معجزة نبوية، والكثير من الدروس والعبر، وقد إشتهر أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاع الله عزوجل له على بعض الأمور الغيبية، وما وقع على لسانه صلى الله عليه وسلم بالإخبار عن أمر غيبي فبوحي من الله تعالى، للدلالة على صدقه ونبوته، ومن ذلك إخباره صلوات الله وسلامه عليه وهو في المدينة المنورة ومن فوق منبره الشريف بما يدور من أحداث القتال والمعركة في مؤتة على مشارف الشام قبل أن يأتيه الخبر من أرض المعركة، ونعيه للمسلمين بإستشهاد زيد، وجعفر، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم، وهم ما زالوا في أرض المعركة وبينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم مسافات شاسعة، وهذه من جملة معجزاته وآياته الدالة على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتلقى الوحي من الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى