
مقتل قادة المسلمين الثلاثة في مؤتة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي يمن على من يشاء بالأولاد ويجعلهم فتنة يتبين بها الشاكر الذي يقوم بحقهم ويصونهم عن الفساد والمهمل الذي يضيعهم ويتهاون بمسئوليتهم، فيكونون عليه نقمة وحسرة في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، أما بعد لقد كان الصحابة الكرام رضوان الله تعالي عليهم أجمعين يحبون النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أشد الحب كما يحدّث علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه وعن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول عندما سُئل كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ، ولما حضر بلالا الموت قالت زوجه واحزناه، فقال بلال بل واطرباه، غدا ألقى الأحب محمدا وحزبه، وهذا زيد بن الدثنة أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مشركو مكة ليقتلوه.
قال له كبيرهم يا زيد أنشدك الله هل تحب أن محمدا الآن في مكانك تضرب عنقه وأنك في أهلك؟ فقال زيد لا والله ما أحب أن محمد صلى الله عليه وسلم تصيبه شوكه في مكانه وأنا جالس في أهلي، هكذا فليكن الحب وهكذا فلتكن التضحية نصرة للدين ودفاعا عن خير المرسلين وغضبا لله رب العالمين، وأما عن غزوات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فمنها غزوة مؤتة بين المسلمين والنصاري في اليمن، فإنه على الرغم من ضراوة هذه المعركة، وكثرة أعداد جيش الروم، فإنه لم يستشهد من المسلمين إلا اثنا عشر رجلا فقط، أما العدو فلم يُعرف عدد قتلاهم، غير أن وصف المعركة يدل على كثرتهم، وقد رأى البعض أن النصر كان للروم لمقتل قادة المسلمين الثلاثة، ورأى البعض الآخر وهو الصواب أن معركة مؤتة كانت نصرا عظيما للمسلمين.
كما هو قول غالب أهل العلم وكُتاب السير والتاريخ وقد نقل ابن هشام في السيرة النبوية عن الزهري قوله ” أمّر المسلمون عليهم خالد بن الوليد ففتح الله عليهم” إضافة إلى قوله صلى الله عليه وسلم ” أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم” التي تحمل معنى النصر والفتح والعلو، وقال ابن حجر في كتاب فتح الباري، وقع في المغازي لموسى بن عقبة وهي أصح المغازي ما نصه ثم أخذه ويعني اللواء عبد الله بن رواحة فقتل، ثم إصطلح المسلمون على خالد بن الوليد فهزم اللهُ العدو وأظهر نصر المسلمين” وقال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية، هذا عظيم جدا أن يتقاتل جيشان متعاديان في الدين، أحدهما وهو الفئة التي تقاتل في سبيل الله عدتها ثلاثة آلاف، وأخرى كافرة وعدتها مائتا ألف مقاتل من الروم مائة ألف، ومن نصارى العرب مائة ألف، يتبارزون ويتصاولون.
ثم مع هذا كله لا يُقتل من المسلمين إلا اثنا عشر رجلا، وقد قُتل من المشركين خلق كثير، هذا خالد وحده يقول لقد إندقت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية أي سيف يمني، فماذا ترى قد قتل بهذه الأسياف كلها؟ دع غيره من الأبطال الشجعان من حملة القرآن، وقد تحكموا في عبدة الصلبان عليهم لعائن الرحمن في ذلك الزمان وفي كل أوان.