أعظم ما في الجنة من النعيم بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الاثنين الموافق 6 يناير 2025 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد لقد دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم لأنس بن مالك رضي الله عنه فقال “اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته” رواه مسلم، وقال النووي فيه هذا الأدب البديع وهو أنه إذا دعا بشيء له تعلق بالدنيا ينبغي أن يضم إلى دعائه طلب البرَكة فيه والصيانة، وعن عبد الله بن مغفل أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال “إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف” وهذا من جانبين فالأول الأجر، والثاني أثر الرفق، فإن الرفق يؤثر ما لا يؤثر العنف وهذا هدي النبي صلي الله عليه وسلم فإنه كان إذا أراد أمرا ويقول لو أنكم فعلتم كذا وكذا وهذا ألطف.
وفي قوله صلي الله عليه وسلم “كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة” رواه مسلم، وقال النووي هذا فيه إستحباب الثناء على الشجعان، وسائر أهل الفضائل، لا سيما عند صنيعهم الجميل لما فيه من الترغيب لهم، ولغيرهم في الإكثار من ذلك الجميل، وهذا كله في حق من يأمن الفتنة عليه بإعجاب، ونحوه، وهذا من طرق إدخال السرور والسعادة على من حولك أسلوب التشجيع والتحفيز والثناء فهل جربت ذلك؟ وقد كان نبينا صلي الله عليه وسلم يستخدمه كثيرا، كقوله لأشج عبد القيس “إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم، والأناة” رواه مسلم، ويستحب للإنسان إذا سار أو حدّث إنسانت أن يأخذ بيده، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ” نادى أبيّ بن كعب وهو يصلي، فلما فرغ من صلاته لحقه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على يده،
وهو يريد أن يخرج من باب المسجد ” فهو أقرب للود وأرعى لسمع الإنسان، ألا وإن أعظم ما في الجنة من النعيم، هوالتمتع برؤية وجه الله تعالي الكريم، فبينما أهل الجنة في نعيمهم إذ بالمنادي ينادي يا أهل الجنة إن ربكم تبارك وتعالى يستزيركم فحي على زيارته، فيقولون سمعا وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين، فإذا بالنجائب قد أعدت لهم فيستوون على ظهورها مسرعين ، حتى إذا إنتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعدا وجمعوا هنالك فلم يغادر الداعي منهم أحدا، أمر الرب تبارك وتعالى بكرسيه فنصب هناك، ثم نصبت لهم منابر من لؤلؤ ومنابر من نور، ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة، وجلس أدناهم وحاشاهم أن يكون فيهم دني على كثبان المسك، ما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا،
حتى إذا إستقروا في مجالسهم وإطمأنت بهم أماكنهم نادى منادي يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا، ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار، فبينما هم كذلك إذا سطع لهم نور أشرقت له الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم وقال يا أهل الجنة سلام عليكم، فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم ويقول يا أهل الجنة، فيكون أول ما يسمعون منه تعالى أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني؟ فهذا يوم المزيد، فيجتمعون على كلمة واحدة، أن قد رضينا فارض عنا، فيقول يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لما أسكنتكم جنتي، هذا يوم المزيد فاسألوني،
فيجتمعون على كلمة واحدة أرنا وجهك ننظر إليك، فيكشف لهم الرب جل جلاله عنه الحجب ويتبدى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله تعالى قضى ألا يحترقوا لاحترقوا، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تبارك وتعالى محاضرة حتى إنه ليقول يا فلان أتذكر يوم فعلت كذا وكذا، يذكره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول يا رب، ألم تغفر لي؟ فيقول بلى، بمغفرتي بلغت منزلتك هذه، فيا لذة الأسماع بتلك المحاضرة، ويا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجهه الكريم في الدار الآخرة، حيث يقول تعالي ” وجوه يومئذ ناضرة إلي ربها ناظرة “