مقال

الإتيان بالأعمال على الوجه المطلوب

جريدة الأضواء المصرية

الإتيان بالأعمال على الوجه المطلوب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 29 ديسمبر 2024
إن الحمد لله الخافض الرافع نحمده أن أنزل القرآن على الناس يتلى وأذهب به عن الأرواح المواجع، يا ربنا لك الحمد على كل حال وواقع، اللهم إنا نشهدك على أنفسنا بأننا نشهد بأنك أنت الله رب كل شيء ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، محمد عبدك ورسولك، اللهم صل وسلم وبارك عليه واجعل له صلاتنا وديعة يا من لا تضيع عنده الودائع، وبعد عباد الله اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم أما بعد لقد خلق الله عز وجل البشر لمقاصد وغايات سامية، من أهمها هو التوحيد والتزكية والإستخلاف، فأما التوحيد، فهو الإقرار بوحدانية الله سبحانه وتعالي وعدم الإشراك به، وأما التزكية، فهي عمل المؤمن بترقية نفسه، وتنقية فؤاده من الضغائن والغل والحقد وأمراض القلوب، وعلاج آفاته، وصدق الله العظيم إذ يقول في سورة الشمس.

” ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها” وأما الإستخلاف فهو المهمة الكبرى للإنسان في الأرض حيث قال الله تعالى لملائكته كما جاء في سورة البقرة “إني جاعل في الأرض خليفة” وقد طلب الله من عباده تعمير الأرض وبنائها، ويقول تعالي في سورة هود “هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها” ولا يتحقق بناء الأرض وتعميرها إلا بالعمل فيها على مصلحتها ومصلحة ساكنيها، ولا يكون ذلك إلا بإتقان الأعمال والوظائف والمهن، وقد دعا الإسلام إلى حُسن إستغلال الأرض والعمل على الإستفادة الصحيحة من مواردها، وإن رفعة الأمم وسبيل تقدمها مرتبط بحجم عطاء أبنائها عملا وإنتاجا وإتقانا وإحسانا، ولا أدلّ على ذلك من قصة ذي القرنين عليه السلام في سورة الكهف حين عمل على تحريك همم السلبيين نحو العمل والإتقان.

والإجتهاد الذي يحفظ الكرامة ويصون الإنسان وقدّر الله تعالى أن تكون حركاتهم سببا في تأخير أذى يأجوج ومأجوج عنهم بسبب بناء السد، فالعمل لازمة من لوازم النجاح، والرقي والتميّز، وهو عبادة الزمان والمكان، وسبب شرف وعزة الإنسان، بل وبسببه تغفر الذنوب فإن كما ورد في بعض الآثار وإن كان فيه ضعف “إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة، قالوا فما يكفرها يا رسول الله؟ قال الهموم في طلب المعيشة” رواه الطبراني، لكن الإسلام لم يأمر بالعمل فحسب وإنما طلب إتقان لعمل وجعله فريضة وضرورة، وإن أمة الإسلام هي الأمة الرائدة في الحضارة والتقدم، لكن للأسف الشديد تركت الأمة مكانتها لغيرها، وصار أبناؤها يتسولون على موائد الغرب في العلوم والصناعات والمعارف ولا عجب.

وإن الأمة الإسلامية مدعوة لإتقان العمل لأنه أمر الله تعالى، إضافة إلى أن الإتقان هو سبيل التحضر والتقدم، لذا فقد أولت الشريعة الإسلامية إهتماما بالغا بالإتقان حتى جعلته دينا، وعبادة لله تعالى مفروضة على الإنسان، كما إعتبرته علامة على محبة الله لعبده، وإن الإتقان هو الإتيان بالشيء على أكمل حالاته، وهو مأخوذ من قولهم تقن أرضه إذا ساق إليها الماء الخاثر بالطين لتصلح للزراعة، وهو الإتيان بالأعمال على الوجه المطلوب، وعلى الوجه الذي يكسب به الإنسان ثقة الآخرين في شراء سلعته وصناعته، ويعني أيضا أنه هو إحكام الأمور، والإتقان عند أهل العلم أن تؤدي العمل على أكمل وجه، الإتقان في التعليم، الإتقان في التجارة والوظيفة والمنصب والمتجر والمزرعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى