لقد عوقبت الأمة بشر أعمالها بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله المتوحد بالعظمة والجلال، المتعالي عن الأشباه والأمثال، أحمده سبحانه وأشكره، من علينا بواسع الفضل وجزيل النوال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ومصطفاه من خلقه، كتب الفلاح لمن إتبعه وإحتكم إلى شرعه، ففاز في الحال والمآل صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فإتقوا الله عباد الله فخير الوصايا وأفضل الهدايا هو تقوى رب البرايا، فتقواه توصد أبواب البلايا وتغلق منافذ الدنايا وتحسن ختام المنايا، فلقد كانت الأمة الإسلامية، أمة مرضية، شامخة أبية، متمسكة بكتاب ربها وعاملة بسنة نبيها وصحيحة في عقائدها وصالحة في أعمالها وحسنة في معاملاتها وكريمة في أخلاقها وعزيزة بدينها وقوية الشوكة وجليلة مهيبة.
واليوم، اليوم يا عباد الله تغير أمرها وتبدل حالها وإختلت عقائدها وفسد كثير من أعمالها، وتدهورت أخلاقها وجهلت أمر دينها فأصبحت مغلوبة على أمرها، بسبب إبتعادها عن دينها وإهتمت بدنياها ونسيت أُخراها، فتأخرت وتدهورت وغُلبت وانهزمت، تتخبط في ظلمات الجهل وتنقاد للخرافات والأوهام وأضغاث الأحلام، فإنساقت وراء ترهات العقول وكاذب النقول وزخرف القول ولقد عوقبت الأمة بشر أعمالها، فذاقت وبال أمرها، وكل ذلك يا عباد الله هو نتيجة حتمية وحقيقة واقعية، لعدم إستقامتنا على ديننا وإنحرافنا عن صراط ربنا، فتعالت الصيحات وإرتفعت الصرخات لكثير من الأمراض والأسقام والتعديات على الأحكام وتجرعنا غصص الإعراض، أمورا مهلكة وآثارا مدمرة، فرحماك ربنا رحماك.
فإن الذنوب لهي أكبر معول لهدم الدين في النفوس وأعظم معين للأعداء، ألا وإن من أعظم الذنوب والمعاصي التي عُصي الله تعالي بها في الأرض ما جاء على لسان ذلك اليهودي الذي قال ” إذا أراد المسلمون أن ينتصروا علينا فلا بد أن يكون حضورهم في صلاة الفجر مثل حضورهم في صلاة الجمعة ” نعم يا عباد الله إذا أردنا النصر والفوز على الأعداء من شياطين الإنس والجن فيجب أن يكون حضورنا في جميع الفروض الخمسة كحضورنا في صلاة الجمعة، وهذا ما شهدت به الأعداء والحق ما شهدوا به، فلماذا يفكر الكثير من المسلمين في الصلاة في بيوتهم دون الحضور إلى مقر الصلاة وهي المساجد، وإعلم يا من تصلي في بيتك وتهجر بيوت الله إنك مهما عشت في هذه الدنيا فلا بد أن تدخل المسجد إما حيا أو ميتا، فإحرص على دخوله حيا متذللا لله خاشعا لله.
طائعا لله ولرسوله قبل أن تدخله محمولا على أعناق الرجال ميتا ليصلى عليك فحينئذ لا ينفعك عملك ولا تجارتك ولا منصبك ولا مكسبك ولا أولادك من الله شيئا، فهذا رجل آتاه الله تعالي قوة في جسمه وفتوة في عضلاته، فنسي أن الله تعالي هو القوي المتين، فكان يسمع داعي الله فلا يجيبه، أما إذا سمع داعي الهوى والشهوات أسرع في إجابته وكل همه جمع المال من أي طريق كان، وكان يعمل حمالا يحمل البضائع في الأسواق، وذات يوم دخل متجرا وهو يحمل بضاعة، فسقط عليه جدار فوقع على ظهره، فأصيب بشلل كلي أفقده القدرة على المشي والحركة فصار حيا ميتا، قد حكم عليه بعدم الحركة طوال الحياة حتى الخارج من السبيلين لا يملك إخراجهما بنفسه، فيحتاج إلى ثلاث ساعات على الأقل لإخراجهما بعد ألم عسير لا يعلمه إلا الله عز وجل.
وهكذا هي حياته نكد وألم وتعب، لم يعرف المسجد يوما، فعاقبه الله عقابا أليما، وسأله أحد الزائرين عن أمنيته الآن فقال أتمنى أن أحضر صلاة الجماعة “آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين”