مقال

لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد

جريدة الأضواء المصرية

لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي امتن على عباده بالأسماع والأبصار، وكرم الإنسان ورفع له المقدار، وإصطفى من عباده المتقين الأبرار، فوفقهم للطاعات وصرفهم عن المنكرات وأعدّ لهم عقبى الدار، أحمده سبحانه فهو الذي خلق المنطق واللسان، وأمر بالتعبد وذكر الرحمن ونهى عن الغيبة ومنكر البيان، فسبحانه من إله عظيم يحصي ويرقب ويرضى ويغضب، وينصب الميزان، يوم تنطق الجوارح وتبين الفضائح، فإذا هم قد أحصيت أعمالهم وهتكت أستارهم وفشت أسرارهم ونطقت أيديهم وأرجلهم، فأشهد أن لا إله إلا هو الملك الحق المبين وأشهد أن محمدا عبده المصطفى ونبيه المجتبى ورسوله المرتضى الذي لا ينطق عن الهوى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين أما بعد إنها جنة الخلد أيها الكرام.

حيث يقول تعالي ” ذلك يوم الخلود ” فهذا هو اليوم الممدود وهذا هو اليوم الذي لا نهاية له وهذا هو الأبد” ذلك يوم الخلود ” إما في جنة يدوم نعيمها أو نار لا ينفد عذابها ” لهم ما يشاءون فيها ” فإن في الجنة ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، فيها ” فواكه وهم مكرمون ” فقال تعالي ” لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ” وقال بعض علماء التفسير بأن المزيد هو النظر إلى وجه الله الكرم، فيوم ينظر المؤمن إلى وجه ربه فيغيب خمسين ألف سنة من نشوة النظرة،” لهم ما يشاءون فيها ” أنهار من عسل مصفى أي شيء تشتهي وفوق هذا وذاك، فقيل في الحديث القدسي “أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر‏” فهذه الجنة يستغنى عنها من أجل سنوات معدودة مشحونة بالهموم.

وهذه الجنة التي وعد الله عباده المؤمنين يزهد بها من أجل مال زائل في الدنيا تكسبه حراما، أيزهد فيها من أجل أن تطيع مخلوقا في معصية الخالق، أيزهد فيها من أجل أن تطيع زوجة فيما لا يرضي الله تعالي، فقيل أن أحد أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام طلبت منه زوجته شيئا قال يا فلانة اعلمي أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلئن أضحي بك من أجلهن أهون من أن أضحي بهن من أجلك، فيا أيها الإخوة الأكارم نحن في دار عمل وليس في دار متعة، فإياك عبد الله والتنعم نحن في العام الدراسي وبعد الإمتحان لك أن تعيش كما تشاء، نحن في دار عمل ونحن في دار إمتحان ونحن في حياة قصيرة خلقنا فيها من أجل أن نعد أنفسنا لحياة أبدية، فيقول تعالي ” والعصر إن الإنسان لفي خسر “

فالله جلا وعلا يقسم بالوقت فإذا خلا يومك من معرفة بالله تعالي، أو تطبيق لأمره، أو دعوة إليه أو صبر على حكمه فهذا يوم خاسر، ولو كانت غلتك مائة ألف أو مليون جنية في اليوم ولو ملكت مال قارون فإنك خاسر، فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم “من إنقطع إلى الله كفاه” أي من التفت إلى الله كفاه الله أمر الدنيا، تأتيه وهي راغمة وهي راغمة ومن انقطع إلى الدنيا التفت إليها انغمس فيها، جعلها أكبر همه ومبلغ علمه وكله الله إليها” لا يخرج منها إلا وفي قلبه غصة، لا يخرج منها إلا وقد أهلكته وأردته، فدققوا جيدا فهذا كلام رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذا كلام عن الله عز وجل حيث يقول ” وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي ” ومن حاول أمرا بمعصية، أردت هذا المال عن طريق معصية أردت هذا الشيء عن طريق مخالفة أمر الله تعالي.

فيقول صلي الله عليه وسلم “من حاول أمرا بمعصية كان أبعد لما رجا، وأقرب لمجيء ما إتقى” فإذا أردت الغنى عن طريق المعصية، إقتربت من الفقر وإبتعدت من الغنى، وإذا أردت أن تسعد زوجتك عن طريق أن ترضيها فيما يسخط الله تعالي، إبتعدت عن السعادة الزوجية وإقتربت من الشقاء الزوجي، فهو كلام دقيق وكلام بليغ وقانون لا يتغير ولا يتبدل، فمن حاول أمرا بمعصية كان أبعد لما رجا، وأقرب لمجيء ما إتقى و‏من طلب محامد الناس بمعاصي الله أراد السمعة، أراد المكانة، وأراد الرفعة وأراد أن يلهج الناس بحمده على حساب دينه وعلى حساب أخرته، فقال صلي الله عليه وسلم “من طلب محامد الناس بمعاصي الله عاد حامده ذاما ” وقال صلي الله عليه وسلم “من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إليهم ومن أرضى الله بسخط الناس كفاه الله شرهم”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى