مقال

قرّة العين في الدنيا والآخرة

جريدة الأضواء المصرية

قرّة العين في الدنيا والآخرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إله إلا الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، لا تحصى نعمه عدا ولا نطيق لها شكرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والخليل المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على النهج اقتفى وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إتقوا الله أيها الناس، واشكروا نعمة الله عليكم بهؤلاء الأولاد الذين جعلهم الله تعالي فتنة لكم، فإما قرّة عين في الدنيا والآخرة، وإما حسرة وندم ونكد، وإن من شكر نعمة الله عليكم فيهم أن تقوموا بما أوجب الله عليكم من رعايتهم وتأديبهم بأحسن الأخلاق والأعمال وتنشئتهم تنشئة صالحة، فالأطفال هم حياة البيوت، وبيت لا أطفال فيه بيت فيه نقص، فإنهم يملؤون البيت إزعاجا ولكنهم يملؤونه فرحا وسرورا، يملؤونه فوضى.

ولكنهم يملؤونه ضحكا وابتهاجا، فقد سئل غيلان بن سلمة الثقفي من أحب ولدك إليك؟ فقال “صغيرهم حتى يكبر، ومريضهم حتى يبرأ، وغائبهم حتى يحضر” فإنه شعور يحس به الوالد حين يرى صغاره أمامه، ويتذكّر قول الرسول صلى الله عليه وسلم “لا يأتي زمان إلا والذي بعده شرّ منه” ويرى ما هو فيه وما مر به من فتن لا يثبت فيها إلا من عصمه الله تعالي، وماذا بعده؟ أو كيف السبيل إلى وقايته مما أمامه؟ ألا فاعلموا أن ثمة أمورا جعلها الله تعالي من فعل الأب وتنفع الابن من بعده، ومن أهم هذه الأمور صلاح الوالد في نفسه، فإنه سبب لحفظ الله عز وجل لأبنائه من بعده، فيقول الله سبحانه وتعالي كما جاء في سورة الكهف ” وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك”

ويقول ابن عباس رضي الله عنهما حفظهما الله بصلاح والدهما ولم يذكر الله للولدين صلاحا، وإن الله تعالي بفضله وكرمه إذا أدخل المؤمنين الجنة يلحق بالآباء أبناءهم وإن كانوا دونهم في العمل، فيقول الله سبحانه وتعالي ” والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ” ويقول ابن عباس رضي الله عنهما عند هذه الآية أي إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل كي تقر بهم أعينهم، وجاء في حديث مرسل “إن الله ليحفظ المرء المسلم من بعده في ولده وولد ولده وفي داره والدويرات حوله” فلا يغلبنكم الشيطان على باب آخر مفتوح للمؤمنين وهو دعاء الوالد لولده، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال “ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن”

وذكر منهن “دعوة الوالد لولده” ولقد كان دأب الأنبياء عليهم السلام الدعوة لأبنائهم، فيقول الخليل إبراهيم عليه السلام ” واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ” ويقول تعالي ” رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ” وقال هو وولده إسماعيل عليهما السلام ” ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة ” وقال نبي الله زكريا عليه السلام ” رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ” ألا فاتقوا الله عباد الله، وراقبوه فيما تحت أيديكم وما استرعاكم، فإنه سائل كل راع عن رعيته، فاتقوا الله عباد الله، واعملوا صالحا، وسيروا على النهج، وأصلحوا النشء تسعدوا في حياتكم وبعد وفاتكم، ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى