مقال

خلق حسن جميل يمنع من المعايب

جريدة الأضواء المصرية

خلق حسن جميل يمنع من المعايب
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي يمن على من يشاء بالأولاد ويجعلهم فتنة يتبين بها الشاكر الذي يقوم بحقهم ويصونهم عن الفساد والمهمل الذي يضيعهم ويتهاون بمسئوليتهم، فيكونون عليه نقمة وحسرة في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، أما بعد إن الحياء من الناس خلق حسن جميل يمنع من المعايب، ويشيع الخير والعفاف، ويعوّد النفس ركوب الخصال المحمودة، وكما أن الحياء من الناس هو دليل على مروءة الإنسان، فالمؤمن يستحي أن يؤذي الآخرين سواء بلسانه أو بيده، فلا يقول القبيح ولا يتلفظ بالسوء، ولا يطعن أو يغتاب أو ينم على الآخرين، وكذلك يستحي من أن تنكشف عوراته فيطلع عليها الناس، فقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ” لا خير فيمن لا يستحي من الناس” وكما أن الحياء من الناس يكون بحفظ ماء الوجه لهم.

ولا يتم ذلك إلا بكف الأذى عنهم، وترك ما يغضبهم أو يزعجهم، وقال أحد الحكماء “من كساه الحياء ثوبه، لم يري الناس عيبه” وقال بعض البلغاء “حياة الوجه بحيائه، كما أن حياة الغرس بمائه” ومنه أن يطهّر الإنسان فمه من الفحش ومعيب الألفاظ، وأن يخجل من ذكر العورات، فإن من سوء الأدب أن تفلت الألفاظ البذيئة من المرء غير عابئ بمواقعها وآثارها، وكما أن من الحياء هو القصد في الحديث في المجالس، فإن بعض الناس لا يستحيون من إمتلاك ناصية الحديث في المحافل الجامعة، فيملئون الأفئدة بالضجر من طول ما يتحدثون، ومن الحياء هو أن يتوقى الإنسان ويتحاشى أن يؤثر عنه سوء، أو تتلطخ سمعته بما لا يليق، وأن يحرص على بقاء سمعته نقية من الشوائب، بعيدة عن الإشاعات السيئة.

وكما أن من الحياء أن يعرف لأصحاب الحقوق منازلهم ومراتبهم، فيؤتي كل ذي فضل فضله، فالابن يوقر أباه، والتلميذ يحترم المعلم، والصغير يتأدب مع الكبير، فلا يسوغ أن يرفع فوقهم صوته، ولا أن يجعل أمامهم خطوة، وتأمل في حياء الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لناخذ منهم العبرة والعظة في زمن ضاع فيه الحياء، فإن ما تعانيه المجتمعات اليوم من المحن وتتابع الفتن وإستباحة المحرمات ومعانقة الرذيلة، ما ذاك إلا بسبب فقد الحياء، وذهاب الحياء، وإن منزوع الحياء لا تراه إلا على قبح، ولا تسمع منه إلا لغوا وتأثيما، عين غمازة، ونفس همازة، ولسان بذيء يتركه الناس اتقاء فحشه، مجالسته شر، وصحبته ضر، وفعله عدوان، وحديثه بذاء.

فإتقوا الله عباد الله، واحرصوا على التخلق بهذا الخلق الكريم، ففيه خير الدنيا والآخرة، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا الحياء، وأن يجعلنا من أهل الحياء، وأن يلبسنا ثوب الحياء، إنه سميع الدعاء، هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال سبحانه ” إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ” فاللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى