علامات الكبر والأشر بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الجمعة الموافق 22 نوفمبر 2024 الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد اعلم أخي الكريم أن من أكثر مخالطة الناس أهانوه ومن بخل عليهم مقتوه ومن حلم عليهم وقروه، ومن أجاد عليهم أحبوه ومن احتاج إليهم ابغضوه، وأن الفلك يدور والليالي حبالى والأيام دول ومن المحال دوام الحال والرحمن كل يوم هو في شأن، فلماذا تحزن ؟ فكيف على أبواب السلاطين ونواصيهم في قبضة رب العالمين، فتسأل المال من فقير وتطلب بخيلا وتشكو إلى جريح، فابعث رسائل وقت السحر مدادها الدمع وقراطيسها الخدود وبريدها القبول ووجهتها العرش، وإنتظر الجواب، فإذا سجدت فأخبره بأمورك سرا.
فإنه يعلم السر وأخفى ولا تسمع من بجوارك لأن للمحبة أسرارا والناس حاسد وشافع، فسبحان من جعل الذل له عزة، والإفتقار إليه غنى ومسألته شرفا، والخضوع له رفعة والتوكل عليه كفاية، فيا أيها المتكبر من أنت وممن خلقت ومن أين خرجت؟ وما هو مآلك ومصيرك؟ فأجب على هذه الأسئلة لتعرف قدرك ووزنك عند الله وعند الناس ؟ فأما من أنت وممن خُلقت وما هو مآلك، فيجيبك مالك بن دينار رحمه الله حينما مر عليه المهلب بن أبي صفرة متبخترا فقال له أما علمت أنها مشية يكرهها الله إلا بين الصفين؟ فقال المهلب أما تعرفني؟ قال بلى، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة، فانكسر وقال الآن عرفتني حق المعرفة، وأما من أين خرجت فيجيبك الأحنف بن قيس رحمه الله بقوله.
عجبت لمن يجري في مجرى البول مرتين، كيف يتكبر، ومن تكبر لنسبه وحسبه فهذا من جهله وقلة عقله حيث تعزز وإفتخر بكمال غيره ولذلك قيل لئن فخرت بآباء ذوي شرف لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا، فالمتكبر بالنسب إن كان خسيسا في صفاته فكيف يجبر خسته بكمال غيره؟ واعلموا أيها المسلمون أن الكبر له علامات، فبها يعرف أحدنا أنه متكبر أو لا فالكل يدعي أنه بريء من الكبر والغرور وأنه من المتواضعين غاية التواضع فليسمع كل واحد منا لهذه العلامات ليعرف هل هو متواضع أم هو متكبر، فمن علامات الكبر والأشر أن ترى لك فضلا على من هو دونك من المسلمين، فقال بعض السلف كفى بك من الكبر أن ترى لك فضلا على من هو دونك، وقال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالي.
من رأى أنه خير من غيره فقد استكبر، وذلك أن إبليس، إنما منعه من السجود لآدم عليه السلام، إستكباره، فاحذر أن تظن أنك خير من أحد من المسلمين وأنك أفضل منه وأعلم وأتقى منه ولو كان ليس على ظاهره الصلاح والتقى، ومن علامات الكبر أيضا هو رد الحق إذا جاء من صغير أو حقير وعدم قبوله لأجل حقارَة قائله، وقد سئل الفضيل رحمه الله عن التواضع ما هو؟ فقال أن تخضع للحق وتنقاد له ولو سمعته من صبي قبلته ولو سمعته من أجهل الناس قبلته، وقال ابن القيم رحمه الله ومن تكبر عن الإنقياد للحق ولو جاءه على يد صغير أو من يبغضه أو يعاديه فإنما تكبره على الله، فإن الله هو الحق، وكلامه حق، ودينه حق، والحق صفته ومنه وله، فإذا رده العبد وتكبر عن قبوله فإنما رد على الله وتكبر عليه.