مقال

إحذر من الزائر الأخير في حياتك

جريدة الأضواء المصرية

إحذر من الزائر الأخير في حياتك
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 18 نوفمبر 2024
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وعش في حدود اليوم وأجمع همك لإصلاح يومك، واترك المستقبل حتى يأتي ولا تهتم بالغد لأنك إذا أصلحت يومك صلح غدك، وطهر قلبك من الحسد ونقه من الحقد وأخرج منه البغضاء وأزل منه الشحناء، واعتزل الناس إلا من خير وكن جليس بيتك وأقبل على شأنك وقلل من المخالطة، وعش مع القران حفظا وتلاوة وسماعا وتدبرا.

فإنه من أعظم العلاج لطرد الحزن والهم، وتوكل على الله وفوض الأمر إليه وارضي بحكمه والجأ إليه وإعتمد عليه فهو حسبك وكافيك، واعف عمن ظلمك وصل من قطعك وأعط من حرمك واحلم على من أساء إليك تجد السرور والأمن، وكرر قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها تشرح البال وتصلح الحال وتحمل بها الأثقال وترضي ذا الجلال، وأكثر من الأستغفار فمعه الرزق والفرج والذرية والعلم النافع والتيسير وحط الخطايا، واقنع بصورتك وموهبتك ودخلك وأهلك وبيتك تجد الراحة والسعادة، واعلم أن مع العسر يسرا، وأن الفرج مع الكرب وأنه لا يدوم الحال وأن الأيام دول، وتفاءل ولا تقنط ولا تيأس وأحسن الظن بربك وانتظر منه كل خير وجميل، وإحذر أخي الكريم من الزائر والضيف الأخير الذي يزورك وهو ملك الموت.

فكلنا يكره هذا الزائر الأخير وكلنا لا يحبه وكن لماذا لا نحبه؟ ولماذا نكرهه ؟ مع أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خيّر بين البقاء في الدنيا والموت قال ” بل الرفيق الأعلى ” وعلى دربه سار أصحابه الذين كانوا يرحبون بالموت ويحسنون استقباله، فهذا الصحابي الجليل بلال بن رباح مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه الموت فتبكي زوجته وتولول وتقول وكرباه عليك يا بلالاه وحزناه عليك يا بلالاه فقال بلال لا تقولي وكرباه بل قولي وطرباه غدا نلقى الاحبة محمد وصحبه، وهذا أبو هريرة رضي الله عنه يأتيه الموت فيقول اللهم اني أحب لقاءك فأحب لقاءي مرحبا بالموت حبيبا جاء على فاقة، فهل ترى ما الفارق بيننا وبينهم؟ ولماذا نكره قدومه ولماذا نخاف زيارته ولماذا يرتعد القلب وجلا من ذكره؟ غنحن نخاف الموت أولا حياء من الله تعالي.

فقيل لأحدى التابعيات أتحبين الموت؟ قالت لا، قيل ولما ؟ قالت لو عصيت آدميا ما أحببت لقاءه فكيف أحب لقاء الله وقد عصيته؟ فيانفس توبي قبل أن لا تستطيعي أن تتوبي وأعصي الهوى فالهوى مازال فتانا، ونحن نخاف الموت ثانيا لأننا لاندري أين النزول وإلام المصير؟ فهل نحن من الفائزين السعداء أم نحن من الخاسرين الأشقياء، فقال سعيد بن أبي عطية لما حضر أبا عطية الموت جزع منه فقالوا له أتجزع من الموت؟ قال مالي لا أجزع وإنما هي ساعة ثم لا أدري أين يذهب بي؟ وكيف تنام العين وهي قريرة، ولم تدر في أي المحلين تنزل، وقيل أنه لما حضرت أحمد بن خضرويه المنية سئل عن مسألة فدمعت عيناه وقال يا بني كنت أدق بابه خمسا وتسعين سنة وها هو يفتح الساعة، لا أدري يفتح بالقبول والسعادة أو الشقاوة فأنّى لي أوان الجواب؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى