مقال

نظرة الشريعة الإسلامية إلى المعوق

جريدة الأضواء المصرية

نظرة الشريعة الإسلامية إلى المعوق
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين أيها الإخوة الأعزاء أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فإنها وصية الله للمؤمنين من عباده حيث قال تعالى ” ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ” واعلموا أن الإبتلاء للمؤمن من الله تعالى ليس كرها له ولا إنتقاما منه بل هو محبذ فيه، حيث قال الله تعالى في سورة البقرة “ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون”

وقال المفسرون في هذه الآية أن الله تعالى يبتلي المؤمنين ليمتحن صبرهم وهو أعلم بهم فيرفعهم بذلك الصبر إلى درجة أنه يصلي عليهم وينزل عليهم الرحمة ويوفقهم إلى الهداية وإلى الطريق المستقيم فالبلاء إذن فيه رحمة ومحبة وفي الحديث النبوي الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سأل عن أشد الناس بلاء قال ” الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الإنسان على قدر إيمانه فإن كان في إيمانه صلابة كان بلاؤه أشد وإن كان في إيمانه لين كانت البلوى على قدر الإيمان ” رواه الترمذي، وفي حديث الترمذي وابن ماجه عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال “إذا أحب الله قوما إبتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط “

فيا أيها الإخوة الأعزاء إن مما يبتلى به الإنسان الإعاقة في الجسد وقد تكون هذه الإعاقة من يوم ولادته كمن يولد أعمى مثلا وقد تكون هذه الإعاقة بشيء يتعرض له في حياته كحوادث المرور وغيرها ولقد عنيت الشريعة الإسلامية بالضعفاء بوجه عام وهؤلاء بوجه خاص فالشريعة الإسلامية تنظر إلى المعوق على أنه إنسان له حقه الكامل في المساواة بغيره ليحيا حياة كريمة، والتخفيف عليه من الالتزامات الشرعية بقدر طاقته، وأنه مطالب بالعمل في حدود طاقته، ولقد وضع الإسلام نظاما مدنيا وإجتماعيا وإقتصاديا لايحول ولايعوق دون حرية الأفراد وإستغلال طاقاتهم البشرية لتحسين نوعية حياتهم والقضاء على مظاهر الإعاقات العامة المختلفة.

ومن هنا نقول أنه على الإنسان أن يستغل ما أعطاه الله تعالى فإن الله لا يسأله إلا على ما آتاه من نعمة قال تعالى ” لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ” ولقد ظن كثير من الناس أن المعاق حقيقة هو من فقد الأهلية على الحياة الطبيعية من ذوي الإحتياجات الخاصة وهذه الطائفة ممن أصيب بعاهة ذهنية أو فكرية أو نفسية مأجور في الإسلام لهم منزلتهم من الإحتفاء والإعتناء، لكن المعاق حقيقة هو من عطل عقله وجمت حواسه واتت مشاعره، فمن لم يفكر بعقله التفكير الصحيح ولم يعتقد بقلبه الإعتقاد السليم ومن لم ينهج النهج القويم ويسلك الصراط المستقيم فهو معاق حقيقة أما من أصيب بعاهة في جسمه فقد تكون هذه العاهة سببا لعظمته ونجاحه وتفوقه.

وقد طالعت حياة كثير من المشاهير والنجوم والعظماء والعلماء فإذا طائفة منهم كانوا ممن أصيب بعاهات في أبدانهم فهذا عطاء ابن أبي رباح عالم الدنيا أعرج والزمخشري كان مبتور الرجل وهكذا لو بحثنا لوجدنا الآلاف المؤلفة من العظماء ولكنهم معاقون، ويرى بعض الناس أن الغش والخداع حذق وعقل وغنيمة وكسب فيفرح إذا غش غيره أو خدعه، ويرى أن ذلك منقبة له ورفعة والواقع أن الغش سفه وغرم ووضيعة وهلاك وخسارة، فإتقوا الله أيها المسلمون والزموا الأخلاق الفاضلة وتجنبوا الأخلاق السافلة وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، وفقني الله وإياكم لمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ورزقنا الصدق في الأقوال والأعمال وجنبنا منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء إنه جواد كريم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى