فلسطين تنادي علي صلاح الدين بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأصلي وأسلم وأبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن إهتدى بهديه إلى يوم الدين أما بعد، ذكرت المصادر التاريخيه أنه عندما نصب ريجلند أمير شاتيون نفسه أميرا مستقلا في قلعة الكرك العظيمة وراء نهر الأردن على حدود بلاد العرب وكثيرا ما خرق إتفاق الهدنة المعقود بين الملك اللاتيني وصلاح الدين، وأعلن عزمه على أن يغزو بلاد العرب ويهدم قبر النبي صلي الله عليه وسلم في المدينة ويدك أبنية الكعبة في مكة، وأبحرت قوته الصغيرة المؤلفة من الفرسان المغامرين في البحر الأحمر وإتجهت نحو المدينة ولكن سرية مصرية باغتتها وقتلتها عن آخرها.
إلا عددا قليلا فروا مع ريجنلد وبعض الأسرى الذين سيقوا إلى مكة وذبحوا في يوم عيد النحر، وكان صلاح الدين في هذه الأثناء قد قنع بشن الغارات الصغيرة على فلسطين فلما رأى ما فعله ريجلند ثارت حميته الدينية فأخذ ينظم من جديد جيشه الذي فتح به دمشق والتقى بقوات المملكة اللاتينية في معركة غير حاسمة عند مرج ابن عامر ذي الشهرة التاريخية ألف ومائة وثلاثة وثمانون ميلادي، ثم هاجم ريجلند عند الكرك بعد بضعة أشهر من ذلك الوقت ولكنه لم يستطع دخول القلعة الحصينة، وفي عام ألف ومائة وخمس وثمانون ميلادي، وقع مع المملكة اللاتينية هدنة تدوم أربع سنين ولكن ريجلند مل فترة السلم الطويلة فإعترض في عام ألف ومائة وست وثمانون ميلادي، للمسلمين ونهب كثيرا من متاعها وأسر عددا من أفرادها ومنهم أخت صلاح الدين وقال ريجنلد.
” إذا كانوا يثقون بمحمد صلي الله عليه وسلم فليأت محمد صلي الله عليه وسلم لينقذهم ” ولم يأت محمد صلي الله عليه وسلم ولكن صلاح الدين ثارت ثائرته فأعلن الجهاد على المسيحيين ونشبت المعركة الفاصلة في الحروب الصليبية كلها عند حطين بالقرب من طبرية في اليوم الرابع من شهر يوليه سنة ألف ومائة وسبع وثمانون ميلادي، وكان صلاح الدين ملما بمعالم الأرض فإختار لجيوشه الأماكن المشرفة على آبار الماء ودخل المسيحيون ميدان المعركة يلهثون من الظمأ بعد أن إخترقوا السهول في حر منتصف المحرق، وإنتهز المسلمون فرصة هبوب الريح نحو معسكر الصليبيين فأشعلوا النار في الأعشاب البرية وحملت الريح الدخان فزاد فرسانهم وقتلوا عن آخرهم وبعد أن ظل الفرسان يقاتلون قتال اليائسين ضد السلاح والدخان والظمأ خروا منهوكي القوى فقتل منهم من قتل وأسر الباقون.
ولم تظهر جيوش المسلمين شيئا من الرأفة بفرسان المعبد أو المستشفى وأمر صلاح الدين أن يؤتى له بالملك جاي والدوق ريجنلد فلما أقبلا عليه قدم الشراب إلى الملك دليلا على أنه قد عفا عنه أما ريجنلد فقد خيره بين الموت والإيمان برسالة النبي محمد صلي الله عليه وسلم فلما رفض قتله، وكان مما غنمه المسلمون في هذه المعركة الصليب الذي كان الصليبيون يتخذونه علما لهم في المعركة ويحمله فيها أحد القساوسة وقد أرسله صلاح الدين إلى الخليفة في بغداد، ولما رأى صلاح الدين أنه لم يبقي أمامه جيش يخشى بأسه زحف لتحرير عكا وأطلق فيها سراح أربعة آلاف أسير من المسلمين وكافأ جنوده بما غنمه من ثروة هذا المرفأ الكثير المتاجر وخضعت فلسطين كلها تقريبا لصلاح الدين وبقيت في قبضة يده بضعة اشهر.