مقال

إياكم وشمس التقدم والحضارة الزائفة

جريدة الأضواء المصرية

إياكم وشمس التقدم والحضارة الزائفة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا ثم اما بعد لقد ساءت الأخلاق وساءت المعاملات وتغير الحال عما كان يجب أن يكون عليه من الألفة والترابط والإتحاد والتماسك، والصدق وأداء الأمانة، وقعت الخصومة والشحناء بين الأقارب والأباعد وبين الجيران والخلان، بل وقعت الخصومة بين أفراد الأسرة الواحدة، أتدرون لماذا ؟ لأننا ضيعنا الأمانة، وفرطنا فيها وخنا العهد مع الله ومع خلقه.

فالأمانة وما أدراكم ما الأمانة إنها الخلق الكريم والنادر الوجود اليوم، إنك تبقى أياما وشهورا تبحث عن رجل أمين ولا تكاد تجده، فتبحث بين المئات ولا أجحف إذا قلت بين الآلاف من الناس فلا تكاد تجد رجلا أمينا، لا أقول ذلك جزافا أو رجما بالغيب بل هي حقيقة منذ زمن بعيد، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمانة من الإيمان إذ قال في آخر الأخبار عنها وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان وحسبك من رفع شأن الأمانة أن كان صاحبها حقيقا بولاية أمر المسلمين لأن ولاية أمر المسلمين، أمانة لهم ونصح ولذلك قال عمر بن الخطاب حين أوصى بأن يكون الأمر شورى بين ستة ” ولو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لعهدت إليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له إنه أمين هذه الأمة ” فانظر إلى الأسواق والمحلات التجارية ومعارض السيارات والبنوك.

الغش فيها على قدم وساق وخيانة الأمانة هي بضاعتهم، يعبدون الله بمعصيته وكيف يتأتى ذلك ؟ فيعطيك سلعة مقلدة على أنها أصلية ويبيعك سلعة يخفي عيوبها أو مستعملة على أنها جديدة ويرفعون الأسعار دونما سبب ويغلفون المعاملات البنكية ويزينونها للناس على أنها معاملات شرعية لا حرام فيها وهل هناك أعظم حرمة من أن جميع بنوكنا بنوك ربوية، قرض بفائدة وأسهم محرمة وشركات مشبوهة وتحايل على الربا وكأنهم يتحايلون على الأطفال ونسوا أنهم يتعاملون مع من لا تخفى عليه خافية ويتعاملون مع من خلقهم ورزقهم، الذي قال سبحانه “إن الله لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء ” وانظر إلى الأسواق اليوم فإنك تجد العجب العجاب من الغش والتدليس والكذب وخيانة الأمانة، فلا تكاد تجد بائعا صادقا وأمينا.

فالهم الأكبر هو جمع المال من أي طريق كان، وبأي كيفية كانت المهم هو المال كيفما جاء وكيفما أُتي به، لا يبالون والله بطرق المال ولا يتحرون الحلال ولا يخافون من عقوبة الحرام وكل ذلك يصب في قالب خيانة الأمانة، ويجعلون البضاعة والفاكهة الكاسدة الخربة والصغيرة والمتعفنة في أسفل الصندوق والجيدة في أعلاه وعندما تنظر إليه يعجبك ولا يبين لك البائع أن ما في الأسفل أقل جودة مما في الأعلى فهلا إتبعنا توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبلنا أمره وإهتدينا بهديه وسلكنا منهجه حتى نكون منه صلى الله عليه وسلم ومعه ؟ وإنك عندما تتجه لأنواع التجارة تحزن على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وما أصابها من وهن وضعف في دينها وخيانة لأمانتها حتى تقاعست عن القيام بالأعباء الموكلة إليها من نصرة لدينها والذود عن نبيها.

وحمل الأمانة الملقاة على عاتقها في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، واليوم لا نرى إلا مسلمون وهنتهم حمى الأسهم وضربتهم شمس التقدم والحضارة الزائفة الكاذبة الخادعة حتى تركوا أهم شعائر دينهم ألا وهي الصلاة وإرتكبوا الكبائر العظيمة كخيانة الأمانة وعدم الوفاء بالوعد ونقض العهد إلا من رحم الله وعصم وقليل ما هم، فهذا هو مجمل حال أمة محمد صلى الله عليه وسلم مع دينها اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى