مقال

يا أصيل كيف عهدت مكة

جريدة الأضواء المصرية

يا أصيل كيف عهدت مكة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 31 أكتوبر 2024
الحمد لله على جزيل النعماء، والشكر له على ترادف الآلاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إمام المتقين، وسيد الأولياء، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الأصفياء، وأصحابه الأتقياء، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد يحكى عن بعض العلماء أنه ركب مع تجار في مركب، فانكسرت بهم السفينة، فأصبحوا بعد عز الغنى في ذل الفقر ووصل العالم إلى البلد، فأكرم وقصد بأنواع التحف والكرامات، فلما أرادوا الرجوع إلى بلادهم قالوا له هل لك إلى قومك كتاب أو حاجة؟ فقال نعم، تقولون لهم إذا إتخذتم مالا لا يغرق إذا انكسرت السفينة، فاتخذوا العلم تجارة، وأشرف العلوم التي ينبغي أن يحرص عليها هو القرآن.

وما يتعلق به من فنون وعلوم، فهو أشرف علم على الإطلاق، وبه تحصل اللذة والسعادة، وتتحقق السكينة والطمأنينة، فقال تعالى “والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك” والفرح بالعلم من أعلى مقامات العارفين، وقال أيضا ” قل بفضل الله وبرحمته، فبذلك فليفرحوا، هو خير مما يجمعون” وقال ابن عباس ومجاهد فضل الله الإسلام، ورحمته القرآن، وقال أبو سعيد الخدري فضل الله القرآن، ورحمته أن جعلنا من أهله، ويشهد لهذا أن الله سبحانه ذكر الأمر بالفرح بفضله وبرحمته عقيب قوله ” يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين” ويقصد القرآن، وأخرج الأزرقي في أخبار مكة عن ابن شهاب قال.

قدم أصيل الغفاري قبل أن يضرب الحجاب على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فدخل على السيدة عائشة رضي الله عنها فقالت له يا أصيل كيف عهدت مكة؟ قال عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، قالت أقم حتى يأتيك النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يلبث أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له “يا أصيل كيف عهدت مكة؟” قال والله عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، وأغدق إذخرها، وأسلت ثمامها، فقال صلى الله عليه وسلم “حسبك يا أصيل لا تحزنا” وقيل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ويها يا أصيل دع القلوب تقر قرارها” أرأيت كيف عبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن حبه وهيامه وحنينه إلى وطنه بقوله.

“يا أصيل دع القلوب تقر” فإن ذكر بلده الحبيب الذي ولد فيه، ونشأ تحت سمائه وفوق أرضه، وبلغ أشده وأكرم بالنبوة في رحابه أمامه يثير لواعج شوقه، ويذكي جمرة حنينه إلى موطنه الحبيب الأثير العزيز، أرأيت كيف أن الصحابة المهاجرين رضوان الله عليهم أجمعين كانوا يحاولون تخفيف حدة شوقهم وإطفاء لظى حنينهم إلى وطنهم بالأبيات الرقيقة المرققة التي تذكرهم بمعالم وطنهم من الوديان والموارد والجبال والوهاد والنجاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى