مقال

عليه الخزي والندامة يوم القيامة

جريدة الأضواء المصرية

عليه الخزي والندامة يوم القيامة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله العليم الخبير، السميع البصير، أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا، لا إله إلا هو إليه المصير، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ذوي الفضل الكبير، ثم أما بعد إن الأمانه من أبرز أخلاق الرسل عليهم الصلاة والسلام، فنوح وهود وصالح ولوط وشعيب يخبرنا الله عز وجل في سورة الشعراء أن كل واحد منهم قد قال لقومه ” إني لكم رسول أمين ” ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أمين الله في الأرض على الرسالة، فهو الذي يبلغ عن ربه هذا الدين العظيم، وقد كانوا يتركون ودائعهم عنده صلى الله عليه وسلم ليحفظها لهم.

فقد عُرف الرسول صلى الله عليه وسلم بصدقه وأمانته بين أهل مكة، فكانوا يلقبونه قبل البعثة بالصادق الأمين، وحينما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، ترك علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليعطي المشركين الودائع والأمانات التي تركوها عنده، وإن تحمل الأمانة أمر ليس بالهين اللين كما يعتقده الكثيرون، ولخطورة التفريط في الأمانة أبت السماوات والأرض والجبال حملها، فعن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية ” إنا عرضنا الأمانة علي السموات والأرض والجبال ” قال عرضها على السبع الطباق الطرائق التي زينت بالنجوم، فقيل لها هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت وما فيها؟ قيل لها إن أحسنت جُزيت، وإن أسأت عوقبت، قالت لا، ثم عرضها على الأرضين السبع الشداد، التي شدت بالأوتاد، وذللت بالمهاد، فقيل لها هل تحملين الأمانة وما فيها؟

قالت وما فيها؟ قيل لها إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، قالت لا، ثم عرضها على الجبال الشوامخ الصعاب الصلاب، قيل لها هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت وما فيها؟ قيل لها إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، قالت لا، فقال لآدم إني قد عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم يطقنها، فهل أنت آخذ بما فيها؟ قال يا رب، وما فيها؟ قال إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، فأخذها آدم فتحمّلها، فذلك قوله ” وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ” أي ظلم نفسه بحمله إياها، جاهلا حق الله فيها، إنها الأمانة التي جعلت ابن المبارك العالم الجليل يعود من مرو في خراسان إلى الشام ليرد قلما إستعاره من صاحبه، ومكث في هذه الرحلة شهرا كاملا.

ذلك أنه بأداء الأمانة يأمن الناس بعضهم بعضا وتتيسر أمورهم في قضاء حوائجهم وإنجاز معاملاتهم، وتحفظ حقوقهم، وتصان الأموال والأعراض، وينتشر الخير ويدوم المعروف، ولنبحث عن الأمانة التي فقدناها، ونزكي بها أنفسنا ونؤديها كما أمرنا ديننا ونحييها في قلوبنا وسلوكياتنا، ونربي عليها أبناءنا، وننصح بها بعضنا، ولنحذر من الخيانة فقد بيّن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أن خائن الأمانة سوف يعذب بسببها في النار، وتكون عليه خزيا وندامة يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم “لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة” رواه البخاري، فاللهم إنا نسألكم موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم والفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم إنا نسألك من كل خير خزائنه بيدك ونعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك، اللهم آت نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى