مقال

لا عبودية بدون بذل وتضحية وضراعة

جريدة الأضواء المصرية

لا عبودية بدون بذل وتضحية وضراعة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 22 أكتوبر 2024
الحمد لله كما أمر، والشكر له وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إرغاما لمن جحد به وكفر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، السادة الغرر، وسلم تسليما كثيرا ما رأت عين وامتد نظر، أما بعد لقد كان فتح مكة بداية فتح عظيم للمسلمين، وقد كان الناس تبعا لقريش في جاهليتهم، كما أنهم تبع لقريش في إسلامهم، وكانت مكة عاصمة الشّرك والوثنية، وكانت القبائل تنتظر ما يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه وعشيرته، فإن نصره الله عليهم، دخلوا في دينه، وإن إنتصرت قريش، يكونوا بذلك قد كفوهم أمره، فقد روى البخاري عن عمرو بن سلمة، قال كنّا بماء ممر الناس وكان يمر بنا الركبان فنسألهم ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون يزعم أن الله أرسله.

أوحى إليه أو أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذلك فكأنما يقر في صدري وكانت العرب تلو بإسلامهم الفتح، فيقولون إتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم” وإذا تأملنا أحداث هذا الفتح الأكبر نستطيع أن ندرك تماما قيمة الجهاد والإستشهاد والمحن التي وقعت من قبله، إن شيئا من هذا الجهاد والتعب والمحن لم يذهب بددا، ولم ترق نقطة دم لمسلم هدرا، ولم يتحمل المسلمون كل ما لاقوه مما قد علمنا في هجرتهم وغزواتهم وأسفارهم، لأن رياح المصادفة فاجأتهم بها، ولكن كل ذلك كان وفق قانون سماوي، وبحسب سنة الله تعالي في خلقه فكل التضحيات المتقدمة كانت تؤدي أقساطا من ثمن الفتح والنصر وتلك هي سنة الله في عباده، حيث أنه لا نصر بدون إسلام صحيح ولا إسلام بدون عبودية لله تعالي.

ولا عبودية بدون بذل وتضحية وضراعة على بابه وجهاد في سبيله، ولذلك كان الفتح مليئا بالدروس والعبر والفوائد، وإن من الدروس والعبر والفوائد للفتح الأعظم فتح مكة هو بيان عاقبة نكث العهود وأنه وخيم للغاية، إذ نكثت قريش عهدها فحلت بها الهزيمة، وخسرت كيانها الذي كانت تدافع عنه وتحميه، وأيضا تجلي النبوة المحمدية والوحي الرباني في الإخبار بالمرأة حاملة خطاب حاطب بن أبي بلتعة إذ أخبر عنها وعن المكان الذي إنتهت إليه في سيرها وهو “روضة خاخ” وكذلك فضيلة إقالة عثرة الكرام، وفضل أهل بدر، وقد تجلى ذلك واضحا في العفو عن حاطب بعد عتابه، وإعتذاره عن ذلك، بالتوبة منه، وأيضا مشروعية السفر في رمضان، وجواز الفطر والصيام فيه، فقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم إلى فتح مكة في رمضان وكان في السفر الصائم والمفطر ولم يعتب على أحد.

وكما أن من الدروس والعبر والفوائد للفتح الأعظم فتح مكة هو مشروعية التعمية على العدو حتى يباغت، قبل أن يكون قد جمع قواه، فتسرع إليه الهزيمة وتقل الضحايا والأموات من الجانبين حقنا للدماء البشرية، وأيضا بيان الكمال المحمدي في قيادة الجيوش وتحقيق الإنتصارات الباهرة، وكذلك مشروعية إرهاب العدو بإظهار القوة له، وفي القرآن الكريم قال تعالى كما جاء في سورة الأنفال ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون “

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى