مقال

شياطين الإنس هم قرناء السوء

جريدة الأضواء المصرية

شياطين الإنس هم قرناء السوء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 16 أكتوبر 2024
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد إن من حق الصديق علي صديقه هو العتاب بين الأصدقاء، فلا يخلو الرجل وهو معرّض للغفلة والضرورة والخطأ في الرأي أن يخلّ بشيء من واجبات الصداقة، فإن كنت على ثقة من صفاء مودة صديقك، أقمت له من نفسك عذرا، وسرت في معاملته على أحسن ما تقتضيه الصداقة، فإن حام في قلبك شبهة أن يكون هذا الإخلال ناشئا عن التهاون بحق الصداقة فهذا موضع العتاب، فالعتاب يستدعي جوابا، فإن إشتمل الجواب على عذر أو إعتراف بالتقصير، فاقبل العذر، وقابل التقصير بصفاء خاطر.

وسماحة نفس، ومما يدلك على أن صداقة صاحبك قد نبتت في صدر سليم أن يجد في نفسك ما يدعوه إلى عتابك، حتى إذا لقيته بقلبك النقي، وجبينك الطلق، ذهب كل ما في نفسه، ولم يجد للعتاب داعيا، وإن من آداب العتاب بين الأصدقاء، هو أن العتاب بين الأصدقاء، غالبا، ما يكون بسبب أحد أمرين وهما الخصومة، أو الهجران والتقصير، وفي كلا الحالين ينبغي أن نراعي الآداب عند العتاب، وهو أن تستوثق من سبب الخصومة قبل العتاب، فإن اللّبس وهو عدم وضوح الحقيقة، وارد على كل حال، وإذا لم يمكنك التحقق من سبب الخصومة إلا بالمعاتبة، فبالتصريح، ما لم ينجح التلميح، والإعتماد على الوضوح في موضوع عتابك، والتركيز على موضوعك الذي أردت علاجه بالعتاب.

ولا تستطرد إلى مواضيع أخرى، وكذلك إستعمال بعض مسهلات العتاب، مثل الهدية أو التلطف أو المدح المعقول، ولا تكن لوّاما على كل بادرة خاطئة فإن كثرة العتاب أولى بالتخطئة، ولا تذكر صديقك بالأخطاء القديمة، ولا تعاوده على الخطأ مرتين، وكذلك العفو والمسامحة من أفضل ما يقابل به الصديق الصادق، فكن متسامحا راضيا، ولا تكن متسامحا ساخطا، فإذا سامحت، فكن جادا في مسامحتك، ولا تدندن حول داعي تلك المسامحة؛ فإن الراجع في مسامحته أعظم جرما من الراجع في هبته، وكما أن أحسن صور العتاب هو ما يحقق الإعتذار، وقد يكون الإعتذار بالإشارة، مثل الكف عن مواصلة الخطأ، وأيضا الإبتسامة وطلاقة الوجه والبشاشة تكفيك أحيانا عن الكلام، وكما عليك أن تدخر عتابك للمواقف الحرجة.

وأنصف المعاتب وتخيّر له الوقت والأسلوب المناسب، وعليك بالرفق عند العتاب، وإذا كنت غاضبا، فلا تفكر في عتاب من أغضبك، وقال الإمام محمد رشيد رضا رحمه الله “شياطين الإنس هم قرناء السوء” وإن من حق الصديق علي صديقه هو الدعاء بإخلاص، فإن من حق الصديق هو الدعاء له في حياته ومماته بكل ما يحبه، لنفسه ولأهله، وكل متعلق به، كما تدعو لنفسك، حيث روى الإمام مسلم عن أبي الدرداء، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب أي في غيبة المدعو له، إلا قال الملك ولك بمثل” وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول “إني لأدعو لسبعين من إخواني في سجودي، أسمّيهم بأسمائهم” وكان محمد بن يوسف الأصفهاني يقول.

” وأين مثل الأخ الصالح؟ أهلك يقتسمون ميراثك ويتنعمون بما خلفت، وهو منفرد بحزنك، مهتم بما قدمت، وما صرت إليه، يدعو لك في ظلمة الليل وأنت تحت أطباق الثرى” وقال بعض السلف “الدعاء للأموات بمنزلة الهدايا للأحياء”

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى