مقال

معرفة عظمة الله وقوته وسلطانه

جريدة الأضواء المصرية

معرفة عظمة الله وقوته وسلطانه
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، يقول ابن الأثير” فلما إستوثقت الروم لنقفور كتب إلى الرشيد “من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ، وأقامت نفسها مقام البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كانت حقيقا بحمل أضعافها إليها، لكن ذلك ضعف النساء وحمقهن فإذا قرأت كتابي هذا فإردد ما حصل لك من أموالها، وإفتدي نفسك به من المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك، فلما قرا الرشيد الكتاب إستفزه الغضب، حتى لم يقدر أحد أن ينظر إليه دون أن يخاطبه، وتفرق جلساؤه، فدعا بداوة، وكتب على ظهر الكتاب.

“بسم الله الرحمن الرحيم” من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، لقد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام” ثم سار من يومه حتى نزل هرقلة ففتح وغنم وأحرق وخرب، فسأله نقفور المصالحة على خراج يحمله كل سنة فأجابه إلى ذلك، فلما قفل راجعا بلغه أن نقفور نقض العهد فكر الرشيد راجعا إليه وأقام في بلاده حتى شفى نفسه منهم، ولم يبرح حتى رضي وبلغ ما أراد، وإن من فوائد وثمرات الإيمان بالملائكة هو معرفة عظمة الله وقوته وسلطانه لخلقه هذا الخلق العظيم، ثم قيامهم له بالعبادة لا يسأمون، ويؤدي ذلك إلى الخضوع له سبحانه وتعالى، وكذلك إعطاء الملائكة حقهم في الموالاة والمحبة، وعدم معاداتهم كما فعلت اليهود حيث إنهم عادوا جبريل، وأيضا إنزالهم منازلهم بأنهم عباد الله وخلقه كالإنس والجن، مكلفون مأمورون.

فلا تبالغ بوصفهم بشيء يؤدي بهم إلى جعلهم آلهة من دون الله، وأن يشكر العبد ربه على ما أولاه من عناية له بأن وظف ملائكة من ملائكته بحفظه وتدبير أموره، كما تقدم، وإستشعار الإنسان وجود الملائكة معه مما يجعله يحافظ على المداومة على الأخلاق الفضيلة، وترك الأخلاق الذميمة، وأيضا الإستئناس بهم في طاعة الله كحديث الجلوس في المسجد بعد الصلاة، وأيضا الثبات على الحق، وعدم الإغترار بكثرة الهالكين، ويكفيه أنه على الطاعة التي عليها الملائكة المقربون، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله لا شك أن الله عز وجل إذا أراد أن يكرم عبدا شرح صدره لقبول ما وصف الله به نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فتلقاها بالتسليم والفرح والسرور، وظهر أثر ذلك عليه، فتكون كل حركاته وسكناته مقرونة بصفات الله عز وجل.

وقد ذكر أهل العلم أن للإيمان بأسماء الله وصفاته، على منهج أهل السنة والجماعة آثارا عظيمة وثمارا مباركة، منها محبة الله جل جلاله وتعظيمه فإنه من عرف الله بأسمائه وصفاته نزهه عن كل نقص، وإزداد له محبة وتعظيما فقال العلامة ابن القيم رحمه الله من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبه ولا محالة، وقال العلامة محمد العثيمين رحمه الله الإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته، يثمر للعبد محبة الله وتعظيمه، فالإيمان بالله تعالى يثمر للمؤمنين ثمرات جليلة، منها كمال محبة الله تعالى، وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وكلما إزدادت معرفة الإنسان بالله في صفاته وآياته، فلا شك أنه يزداد محبة وتعظيما لربه، ومعرفة أسماء الله وصفاته هي قوت القلب وروحه.

ولا يمكن للإنسان أن يحب الله غاية المحبة، ويعظم الله غاية التعظيم إلا بمعرفة أسمائه وصفاته، وقال الشيخ عبدالرحمن البراك فللعلم والإيمان بأسماء الرب وصفاته آثار على القلب، وآثار على سلوك العبد تورث الموفقين من عباده الله محبته سبحانه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى