
الإحتفال بوفاة الرسول الكريم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 10 سبتمبر 2023
الحمد لله فتح بابه للطالبين وأظهر غناه للراغبين، وبسط يده للسائلين، قصدته الخلائق بحاجاتها فقضاها، وتوجهت له القلوب بلهفاتها فهداها، وضجت إليه أصوات ذوي الحاجات فسمعها، ووثقت بعفوه هفوات المذنبين فوسعها، وطمعت بكرمه آمال المحسنين فما قطع طمعها، بابه الكريم مناخ الآمال ومحط الأوزار، لا ملجأ للعباد إلا إليه ولا معتمد إلا عليه، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، أرسله ربه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين فهدى الله به من الضلالة وبصر به من الجهالة وكثر به بعد القلة وأغنى به بعد العيلة، ولمّ به بعد الشتات وأمّن به بعد الخوف فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد يقول ابن أبي حاتم الكريم لا يكون حقودا ولا حسودا،
ولا شامتا ولا باغيا ولا ساهيا ولا لاهيا، ولا فاجرا ولا فخورا ولا كاذبا ولا ملولا، ولا يقطع إلفه ولا يؤذي إخوانه ولا يضيع الحفاظ ولا يجفو في الوداد، يعطي من لا يرجو، ويؤمن من لا يخاف، ويعفو عن قدرة، ويصل عن قطيعة، أما موقف المسلم تجاه نعم الله تعالى عليه فتكتنفه العديد من الآداب والالتزامات، بداية من شكرها، ثم تسخيرها في مرضاته جل وعلا، فضلا عن التنعم بها في غير إسراف ولا مخيلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله تعالى جميل، يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ويبغض البؤس والتباؤس ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا آتاك الله مالا فليري عليك، فإن الله يحب أن يرى أثره على عبده حسنا أي بحسن الهيئة والتجمل ولا يحب البؤس أي الخضوع.
والذلة ورثاثة الحال ولا التباؤس، أي إظهار التمسكن والشكاية لأن ذلك يؤدي لإحتقار الناس له وإزدرائهم إياه وشماتة أعدائه، فأما إظهار العجز فيما بينه وبين ربه بلا كراهة لقضائه ولا تضجر فمطلوب، وأما عن تحديد مولد النبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن محل عناية السلف ولا موضع إهتمامهم لذلك إختلفوا في تحديد يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم بعد إتفاقهم على ولادته في عام الفيل وسبب إختلافهم أن الأمة الإسلامية كانت أمية لا تكتب ولا تحسب وإنما يحسبون بالنجوم والفلك، فجمهور العلماء على أن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ولد في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول أما تاريخ ذلك اليوم فقال البعض ولد في اليوم الثاني من شهر ربيع الأول وقيل بل ولد في اليوم التاسع منه.
والتاريخ الذي رجحه المحققون من أهل التاريخ والسير أنه صلى الله عليه وسلم ولد في يوم الاثنين الثامن من شهر ربيع الأول، أما وفاته صلى الله عليه وسلم فهي محل إتفاق بين أهل العلم حيث توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة النبوية، وعلى هذا يقال للمحتفلين بالمولد النبوي إن إحتفالكم في يوم الثاني عشر من ربيع الأول إساءة أدب وجفوة للرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم في الحقيقة يحتفلون بموته صلى الله عليه وسلم، وصاحب العقل السليم يدرك أن الفرح في تلك الليلة بمولده ليس بأولى من الحزن على وفاته صلى الله عليه وسلم فإن الأمة ما أصيبت بأعظم من فقده صلى الله عليه وسلم.