خواطر وأشعار

عادة عمتي

جريدة الأضواء المصرية

عادة عمتي
بقلم المهندس اشرف فؤاد
كان لعمتي عادة غريبة كلما حل المساء…فهي تجلس في الشرفة الكبيرة ناظرة الي بعيد وتتمتم بلاصوت…تحرك شفتيها بلاهدف..وحينما اسألها مستفسرا تقول في تأكيد
– بأقرأ الورد ..
– وأضحك كثيرا فتسمع عمتي الضحك وتثور وتغضب..وتضرب بيدها الهواء كأنما تهش شيئا وتقول في خوف..
– – دستور….دستور….مايعرفش
– ولما كبرت سمعت من أبي أن عمتي كانت طوال عمرها تخشي العفاريت خاصة بالليل..حتي عندما ماتت منذ شهور قالت لأبي وانا الي جواره أقف باكيا..
– – اوعوا تزوروني بالليل
– لم يكن أبي يعرف سر خوف عمتي…ولكن لأنني كنت أحبها فقد حزنت ولاأعرف كم يوما ظللت أبكي …وأقسمت أن أخالف وصيتها وان أزورها ليلا…
– ومضي علي موتها عام وأبي وأمي لايزورانها الا قليلا وفقط قبل أن يحل الليل …أما أنا فقد كنت أتسلل ليلا بعد صلاة العشاء الي بيت أخي …وإمي وأبي يعرفان ..وكانت زوجته تعرف حينما أدخل لاهثا أني أنوي زيارة عمتي فتبتسم في صمت وأخي يحذرني في خوف قائلا
– – ياابني أعقل…ماهي عمتي أنا كمان
– وقبل أن يكمل جملته أكون قد هبطت درجات السلم مسرعا الي حيث ترقد عمتي….. لكني مساء أمس فقط لم أعد الي بيت أخي بل سابقت قدماي الريح الي بيتنا ….فقبل أن أمضي رأيتها أمامي…عمتي العجوز بنظارتها السميكة وجسمها الممتلئ وقامتها القصيرة …ورأيت ابتسامتها علي شفتيها تلمع لمعانا غريبا وعلي جسدها كفنها الأبيض ورائحة عطرها الانثوي تملأ أنفي…وقتها لم أدر ماحدث لي…لكني سمعت صوت صرخة مدوية تملأ الفضاء من حولي ولم أعرف انها صادرة مني …ولم تعد واحدة…ولم تعد عمتي تبتسم وإنما راحت تشير بيدها نحوي …وكلما امتد ذراعها قبالتي كلما ارتددت الي الوراء ميلا…دهرا….عصرا كاملا…وقلبي يكاد يقفز من صدري وتذكرت أمي وأبي وأخي وسمعتها تهمس في الهواء منادية
— عمر…عمر…عمر.
وحينما حل مساء ذلك اليوم…جلست في الشرفة الكبيرة وحدي.. لم إخرج وانا انظر الي بعيييد…واتمتم بلاصوت …ولما جاء أبي يطمئن عليا هاله مايري..وارتسمت علي وجهه ابتسامةحائرة وهو يضرب كفا بكف عندما سألني عما أفعل قلت في تأكيد
– أقرأ الورد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى