مقال

وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه

جريدة الأضواء المصرية

وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 22 أغسطس 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، لقد كان من شدة خوف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هو ما روي عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء، فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطاب ثكلت أم عمر نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كل ذلك لا يجيبك، قال عمر رضي الله عنه، فحركت بعيري، ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل فيّ قرآن.

فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي، فقلت لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، فقال “لقد أنزلت عليّ الليلة سورة، لهي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس” ثم قرأ ” إنا فتحنا لك فتحنا مبينا” قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في الحديث دليل على فوائد منها هو شدة خوف عمر رضي الله عنه، وكان عمر رضي الله عنه على شدته من أخوف الناس من عذاب الله، حتى إنه أحيانا يمرض إذا قرأ بعض الآيات التي فيها التخويف، ويعوده الناس، ويبقى أسبوعا مريضا، من شدة ما سمع رضي الله عنه، ولذلك هرب من عند النبي علية الصلاة والسلام، وتقدم، خوفا من أن ينزل فيه قرآن، وهذا لشدة ما وجد في نفسه، وقد قال رضي الله عنه لابنته أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أي حفصة.

أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل؟ قالت نعم، قال قد خبت وخسرت، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم فتهلكي؟ قال العلامة محمد العثيمين رحمه الله وفيه شدة خوف عمر رضي الله عنه من الله سبحانه وتعالى حيث قال أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم؟ وروي عن نافع، قال ما قرأ ابن عمر رضي الله عنهما هاتين الآيتين قط من آخر سورة البقرة إلا بكى وهو قول الله تعالي ” وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ” ثم يقول إن هذا الإحصاء شديد، وكما روي ابن سعد عن مسلم بن بشير، قال بكى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه في مرضه، فقيل له ما يبكيك، يا أبا هريرة؟ قال أما إني لا أبكي على دنياكم هذه، ولكني أبكي لبعد سفري وقلة زادي، أصبحت في صعود مهبطة على جنة ونار.

فلا أدري إلى أيهما يسلك بي، وكما قال أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه دخلت حائطا أي بستانا فسمعت عمر رضي الله تعالى عنه يقول، وبيني وبينه جدار عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، بخ، لتتقين الله ابن الخطاب أو ليعذبنك” وكما سئلت السيدة فاطمة بنت عبد الملك زوجة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه عن عبادة عمر، فقالت والله ما كان بأكثر الناس صلاة، ولا أكثرهم صياما ولكن والله ما رأيت أحدا أخوف من عمر، لقد كان يذكر الله في فراشه، فينتفض إنتفاض العصفور من شدة الخوف حتى نقول ليصبحن الناس، ولا خليفة لهم،قال أبو القاسم القشيري سمعت أبا علي الدقاق يقول دخلت على أبي بكر بن فورك عائدا، فلما رآني دمعت عيناه، فقلت له إن الله سبحانه يعافيك ويشفيك، فقال لي تراني أخاف من الموت؟ إنما أخاف مما وراء الموت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى