دين ودنيا

علامة الشقاء في الدنيا

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 22 أغسطس 2024
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم أما بعد، اعلموا يرحمكم الله أن الذي ينبغي على المؤمن أن يخاف ذنوبه، ويبكي عليها، فعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، قال قلت يا رسول الله، ما النجاة؟ قال “أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك” رواه الترمذي، وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله، قول الله تعالي ” والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة” أهو الذي يزني، ويشرب الخمر، ويسرق؟ قال “لا يا بنت الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق، ويخاف ألا يتقبل منه” رواه الترمذي.

وقال الحسن رحمه الله عملوا والله بالطاعات، واجتهدوا فيها، وخافوا أن ترد عليهم، وهذا هو حال الصحابة رضي الله عنهم، لهم إجتهاد في العبادة والطاعة، ومع ذلك يخافون، ولا تغرهم تلك الطاعات والعبادات، ولهم مواقف تبين شدة خوفهم منها خوفهم النفاق على أنفسهم، فعن ابن أبي مليكة رضي الله عنه، قال أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل” رواه البخاري، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله والصحابة الذين أدركهم ابن أبي مليكة من أجلهم السيدة عائشة وأختها أسماء وأم سلمة، والعبادلة الأربعة وأبو هريرة رضي الله عنهم، وقد جزم بأنهم يخافون النفاق في الأعمال، وذلك لأن المؤمن قد يعرض عليه في عمله ما يشوبه مما يخالف الإخلاص.

ولا يلزم من خوفهم من ذلك وقوعهم منهم، بل ذلك على سبيل المبالغة منهم في الورع والتقوى رضي الله عنهم” وأمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان يخاف النفاق على نفسه، وكان يسأل حذيفة رضي الله عنه هل ذكره رسوله صلى الله عليه وسلم وعدّه من المنافقين؟ وكان حذيفة يجيبه بالنفي، وقيل أنه صلى ابن أبي أوفى قاضي البصرة بالناس الفجر بسورة المدثر، فلما بلغ قوله عز وجل ” فإذا نق في الناقور، فذلك يومئذ يوم عسير، علي الكافين غير يسير” أخذته شهقة فمات، فهم سمعوا القرآن بقلوب واعية، وآذان مصغية، فأحدث فيهم الخوف من الله عز وجل، فمنهم من مات من سماع آية، ومنهم من كان يعوده الناس كأنه مريض، ومنهم من كان يشتد بكاؤه، ونحن غلبت علينا الغفلة، فجمعنا بين معصية الله عز وجل وبين الأمن من مكره عز وجل.

وهذا والله علامة الشقاء، أن يجمع العبد بين معصية الله عز وجل وبين الأمن من مكره، فقد كان السلف رضي الله عنهم يجمعون بين الخوف من الله عز وجل وبين الإجتهاد في طاعته، فإذا عرف العبد ربه عز وجل وعرف أسماءه وصفاته وتعرف على ربوبيته عز وجل وإلهيته، وعلم خطر الآخرة وأهوالها وعلم سيئات أعماله وضعفه وعجزه وذنوبه وعيوبه فإنه يخاف من الله عز وجل، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم “أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية” وهذا لما بلغه أن ثلاثة من الصحابة الكرام ذهبوا إلى بيوته صلى الله عليه وآله وسلم وسألوا عن عبادته، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدرارا، اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت يا من وسعت كل شيء رحمة وعلما.

نسألك ونتوجه إليك يا ربنا بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا عذاب ولا غرق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى