الغاية التي خلقنا الله لأجلها بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الأربعاء الموافق 21 أغسطس 2024 إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جزى نبيا من أنبيائه، فصلوات ربي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين أما بعد، تمر الأمه الإسلامية بمراحل عصيبة في هذا الزمان فهل نسي العالم بأسره ما حصل في كوسوفا وهو أنه لم يترك الصرب وسيلة وحشية تعذيبية إلا إستخدموها تحت مرأى ومسمع من مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة من إغتصاب للمسلمات وبقر لبطون الحوامل وقتل للأب أمام أفراد أسرته.
وانتهاك للأعراض أما أعين الآباء والأمهات وأشلاء ممزقة ودماء تراق ورقاب تزال وأركان تقطع وكما هو الحال بحكام الإسلام إستنكار وشجب وتنديد، لم يتجاوز طاولة الحوار، ثم نجدهم يضربون بيد من حديد لمن ينكر عليهم هذا التخاذل ومن يحثهم لمواجهة الأعداء ومجابهة الألداء فيالها من فضيحة وعار وخزي وبوار، ولا زالت موجة الحقد الصليبية تندفع بقوة وتنفث سمومها بشدة ونحو دول الإسلام والأقليات المسلمة في العالم أجمع حتى شاهدنا ما حصل للمسلمين في أفغانستان وتبعهم الشيشان من مآسي تموت لها قلوب الصالحين وتتقرح لها أكباد المخلصين ولازال السكون والدعة هي سلاح الحكام الذين سيسألون عن خذلان إخوانهم المسلمين في كل مكان ولا يُقبل أي عذر في هذا التواني والتراخي الإسلامي الواضح.
الذي بسببه تعدى الكفار على شعائر الدين الإسلامي تعديا سافرا، وانتهاكا صارخا حيث مزقوا كتاب الله تعالى وأحرقوه وأودعوه دورات المياه بل فعلوا أعظم من ذلك، مزق الله ملكهم وملك من ساندهم أو سكت على فعلهم، ثم تبع تلكم المهازل الاستهزاء بمن حاز أعظم المنازل، الحبيب صلى الله عليه وسلم في رسوم مهينة وصور مشينة وتالله لو كانت لأحد الرؤساء لأقام الدنيا ولم يقعدها بل ربما أقام حربا ضروسا ضد أصحابها ومصوريها وقطع العلاقات كلها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم من تقطع العلاقات لأجله وأجل من وقعت حرب لقدره ولكن كما تعودنا منهم أيدهم الله بالحق رعونة في القرارات وخضوع لأمريكا وحلفائها خوفا وهلعا ونسوا أن الله جل وعلا تكفل بنصرهم على عدوهم إذا نصروا ربهم وأقاموا شرعه في أرضه.
ولقد بحت الحناجر وذهب صوتها وضعف رجاؤها وهي أن نذكر الناس بأن نصر الله قريب ثم لا تجد مجيبا ولا مستجيب، وحينما يتأمل المسلم اليوم في أحوال نفسه وأحوال من حوله يدرك كم هو مشغول عن الغاية التي خلقه الله لأجلها، تلك الغاية التي قل منّا من يسأل نفسه هل سلك طريقها وهل توخّى وسائلها وطمع في جوائزها ربما تفكرت طويلا يا رعاك الله في الغاية من عملك والغايةِ من تجارتك والغاية من دراستك ولا أشك أنك ستبحث عما يوصلك إلى تلك الغايات الشريفة ولكن كم مرة سألنا أنفسنا لماذا خُلقنا ولماذا خلقنا الله على هذه الأرض وهل خلقنا لنتمتع بشهواتها وبطعامها وبشرابها وبزينتها وزخرفها؟ ثم نموت وندفن في التراب وينتهي كل شيء؟ فإنه سؤال ربما نعيد بسببه كثيرا من حساباتنا الدنيوية والأخروية.
فاسمع الجواب من الله عز وجل الذي تكفل به في قوله تعالى ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” فإنها العبادة وهي الغاية العظمى للحياة، ولكن الإنسان يميل بطبعه إلى المتع وتهفو نفسه إلى الدعة والراحة ويشتاق بتكوينه إلى ما يرضي دنياه، وهكذا خُلق الإنسان عجولا تغره الثمار القريبة الفانية، حتى تشغله عن الباقية لأنها بعيدة، وإن الله تعالى لم يأمرك بالعبادة ليقطعك عن مُتعك، ولا ليحرمك من شهواتك ولا لينغص عليك حياتك، كلا بل أمرك بالعبادة لتعيش بها هانئا سعيدا مطمئن البال والضمير، فقال تعالي ” فإما يأتينكم مني هدي فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي قال رب لم حشرتني أعمي وقد كنت بصيرا قال كذلك آتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسي، وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقي”