خطر المنازعات الزوجية علي مسيرة الزواج بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، يقول المختصون يقلق الزوج ويكتئب كرد فعلي على نكد الزوجة، ثم يغلي في داخله، ثم ينفجر، وتشتعل النيران، أما الزوجة فتصمت وتتجاهله لتثيره وتحرق أعصابه وتهز كيانه وتزلزل إحساسه بذاته كي يسقط ثائرا هائجا وربما محطما، فعندها تهدأ الزوجة داخليا ويرضيها زلزلة زوجها حتى وإن ازدادت الأمور اشتعالا وشجارا، وهذا هو شأن التخزين الانفعالي للغضب، بذلك تكون الزوجة قد نجحت في إستفزازه إلى حد الخروج عن توازنه، لأنها ضغطت بأهم شيء يؤلم رجولته وهو التجاهل، ولكن هذه ليست حقيقة مشاعرها فقط.
بل هي تغلي أيضا لأنها غاضبة، فهي غاضبة من شيء ما، ولكنها لا تستطيع أن تتكلم، فهذا هو طبعها وربما يمنعها كبرياؤها، فهذا الزوج يخطئ في حقها وهو لا يدري أنه يخطئ، وأن أخطاءه ربما تكون غير إنسانية، وربما هو يتجاهلها عاطفيا، وربما بخله يزداد، وربما بقاؤه خارج البيت يزداد بدون داع حقيقي، وربما أصبح سلوكه مريباوالكثير والكثير، ولكنه لا يدري أو هو غافل، أو هو يعرف ويتجاهل، وهو في كل هذا لا يشعر بمعاناتها، أي أنه فقد حساسيته، ولكنها لا تتكلم ولا تفصح عن مشاعرها الغاضبة وربما لأنها أمور حساسة ودقيقة، وربما لأن ذلك يوجع كرامتها، وربما لأنهما لم يعتادا أن يتكلما، ولهذا فهي لا تملك إلا هذه الوسيلة السلبية للتعبير بل والعقاب، وإذا بادل الزوج زوجته صمتا بصمت وتجاهلا بتجاهل فإن ذلك يزيد من حدة غضبها.
وربما تصل هي إلى مرحلة الثورة والانفجار فتنتهز فرصة أي موقف وإن كان بعيدا من القضية الأساسية لتثير زوبعة، ولقد استمر في الضغط عليها حتى دفعها للإنفجار، وضغط عليها بصمته وتجاهله ردا على صمتها وتجاهلها، وتلك أسوأ النهايات أو أسوأ السيناريوهات، وهذا الأسلوب يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة، ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة، ويزيد من الرصيد السلبي المر، وتسير الحياة خالية من التفاهم وخالية من السرور ويصبح البيت جحيم، فتنطوي الزوجة على نفسها وإهتماماتها الخاصة، ويهرب الزوج من البيت، وتتسع هوة كان من الممكن ألا توجد لو كان هناك أسلوب إيجابي للتفاهم، والخطأ الأكبر الذي يقع فيه الزوجان أن يجعلا المشاكل تتراكم بدون مواجهة، وبدون توضيح، وبدون حوار بصوت عالي هادئ.
بدون أن يواجه كل منهما الآخر بأخطائه أولا بأول، بدون أن يعبر كل منهما عن قلقه ومخاوفه وتوقعاته وآلامه وهمومه، وقد يكون تجاهل الزوج لمتاعب الزوجة ليس عن قصد أو سوء نية أو خبث، ولكن لأنه لا يعرف، لا يعلم، لأنها لم تتحدث إليه، لأنها لم تعبر بشكل مباشر وربما لأنها تعتقد أنه يجب أن يراعى مشاعرها دون أن تحتاج هي أن تشير له إلى ذلك، ربما تود أن يكون هو حساسا بالدرجة الكافية، وربما تتمنى أن يترفع عن أفعال وسلوكيات تضايقها وتحرجها وهذا جميل وحقيقي، ولكن الأمر يحتاج أيضا إلى تنبيه رقيق، أو إشارة مهذبة، أو تلميح راق، أو كلمات تشع ذوقا وحياء دون مباشرة، ولا مانع وخاصة في الأمور الهامة والحساسة والدقيقة من المواجهة المباشرة والحوار الموضوعي، وينبغي أن لا يخاف أي من الزوجين تطور الحوار إلى قليل من الانفعال.
فالشجار ليس بداية النهاية، بل بالعكس بداية إستقرار الحياة الزوجية فعقب كل شجار يسعى الزوج والزوجة جديا للتوفيق بين طباعهما وميولهما وإحتياجاتهما وطموح كل منهما في الحياة، والشعور بخطر المنازعات الزوجية علي مسيرة الزواج.