مقال

الإسلام لا يهمل البسطاء ولا يكسر الفقراء

جريدة الأضواء المصرية

الإسلام لا يهمل البسطاء ولا يكسر الفقراء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 16 أغسطس 2024
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد يقول الإمام الغزالي رحمه لله كان بعض السلف يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنة يقوم بحاجتهم يتردد كل يوم إليهم، ويمونهم من ماله، فكانوا لا يفقدون من أبيهم إلا عينه، بل كانوا يرون منهم ما لم يروا من أبيه في حياته، وكان أحدهم يتردد إلى باب دار أخيه يقوم بحاجته من حيث لا يعرفه أخوه، وبهذا تظهر الشفقة، والأخوة إذا لم تثمر الشفقة حتى يشفق على أخيه كما يشفق على نفسه، فلا خير فيها.

وإن الإسلام لا يهمل البسطاء، ولا يكسر الفقراء، ولا يهين الضعفاء، فقد عاتب الله تعالي نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أعرض عن عبد الله بن أم مكتوم، وكان أعمى، عندما جاءه قائلا له علمني مما علمك الله، وكان النبي عليه الصلاة والسلام منشغلا بدعوة بعض كبراء قريش، فلما أعرض عنه، أنزل الله تعالي قرآنا يتعبّد به إلى يوم الدين، معاتبا خاتم المرسلين وأحب خلق الله تعالي إلى رب العالمين ” عبس وتولي أن جاءه الأعمي وما يدريك لعله يزكي أو يذكر فتنفعه الذكري” واعلموا يرحمكم الله إن التيسير على الناس والتجاوز عنهم من ضمن قضاء الحوائج، بل من أجل القرب إلى الله تعالى، خاصة الفقراء والمساكين فروي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.

“كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه ‌إذا ‌أتيت ‌معسرا، ‌فتجاوز عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، قال فلقي الله عز وجل فتجاوز عنه” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفس عن معسر، أو يضع عنه” ولقد كان قيس بن سعد بن عبادة يتجاوز عن المعسرين، حتى إنه مرض فلم يعده غير قليل من الناس، فتعجب من ذلك، فقيل له لك عليهم ديون، ويستحون أن يأتوا ولك عليهم دين، فأرسل غلامه ينادي في الأمصار من كان عليه دين لقيس بن سعد بن عبادة، فقد تجاوزنا عنه وهو في حل منه، فعاده الناس في اليوم التالي حتى كسرت عتبة بابه من كثرة العواد، وقد حثنا نبينا المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم على الوقوف بجانب الآخرين وجبر قلوبهم.

فقال صلى الله عليه وسلم ” من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على مُعسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر على مسلم، ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” ويقول الإمام ابن تيمية رحمه الله خاطبت قازان وهو ملك التتار في إطلاق الأسرى، فسمح بإطلاق الأسرى المسلمين، ثم قال قازان معنا نصارى أخذناهم من القدس، فهؤلاء لا يطلقون، فقلت له بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا، فإنا نفتكهم ولا ندع أسيرا، لا من أهل الملة، ولا من أهل الذمة، وأطلقنا من النصارى من شاء الله، فهذا عملنا وإحساننا والجزاء على الله، وكذلك السبي الذي بأيدينا من النصارى، يعلم كل أحد إحساننا ورحمتنا ورأفتنا بهم، كما أوصانا خاتم المرسلين حيث قال في آخر حياته “الصلاة وما ملكت أيمانكم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى