
الدكروري يكتب عن حرق المنشآت العامة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق خلقه أطوارا وصرفهم كيف شاء عزة واقتدارا، وأرسل الرسل إلى الناس إعذارا منه وإنذارا، فأتم بهم نعمته السابغة وأقام بهم حجته البالغة، فنصب الدليل وأنار السبيل وأقام الحجة وأوضح المحجة، فسبحان من أفاض على عباده النعمة وكتب على نفسه الرحمة، أحمده والتوفيق للحمد من نعمه وأشكره على مزيد فضله وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة قامت بها الأرض والسموات وفطر الله عليها جميع المخلوقات، وعليها أسست الملة ونصبت القبلة ولأجلها جردت سيوف الجهاد وبها أمر الله سبحانه جميع العباد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعالمين، أرسله بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.
وأمده بملائكته المقربين وأيده بنصره وبالمؤمنين، وأنزل عليه كتابه المبين، أفضل من صلى وصام وتعبد لربه وقام ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام، ثم أما بعد إن من صور الإفساد في الأرض هو تخريب وتدمير المنشآت العامة، فإن من يقوم بذلك من حرق المنشآت العامة وإتلاف الأشجار والحدائق يعد من أشد صور الفساد والإفساد في الأرض؛ وقد نكل الله بهؤلاء، وهناك فساد كبير وكبير، فلو نظرت إلى الصحة لوجدت فسادا يتمثل في إهمال الأطباء للمرضى وعدم العناية بهم، ورداءة الأجهزة الطبية وسوء الخدمة وقد تسبب ذلك في إزهاق أروح بريئة مسكينة فقيرة وكلكم تعلمون ذلك وتعايشونه، والعامل المشترك في الفساد بين هذه المؤسسات هو الإهمال والتقصير، والتعدي على لوازم العمل.
وعدم الإتقان، وعدم الانضباط والالتزام بنظم العمل، والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص، وبخس العامل حقوقه، وهكذا فإن الوفاء خُلق الكرام، به يسعد الفرد في الدنيا والآخرة وبه يعيش المجتمع في أمن وأمان فالحقوق محفوظة والأعراض مصونة والحب والتراحم يسود بين أفراد المجتمع وبه ينال المسلم رضا ربه ويهنأ بدخول جنته، وإن أمتنا الإسلامية هى أمة الوفاء رجالا ونساء صغارا وكبارا قادة وجندا حكاما ومحكومين في الحرب والسلم وفي الشدة والرخاء، فهو دين تتعبد الله به ومتى ما تنصلت هذه الأمة عن هذه القيم والمبادئ والأخلاق في علاقاتها مع بعضا البعض أو مع غيرها من الأمم فأن سنن الله ستطويها وعقاب الله سيحل بها كما حدث للأمم السابقة، ولقد وصف الله تعالى من لا يوفي بعهده بالخسران.
وإن من المسلمين اليوم من تجد تقصيرهم ونكثهم لعهد الله ورسوله، وتنكرهم لدينهم بارتكاب الذنوب والمعاصي ومخالفة أوامر الدين والتفريط في الثوابت والمقدسات وموالاة الأعداء والركون إليهم، وهناك من يتنكر لوطنه وأمته رغبة في منصب أو جاه أو مال أو هوى، وظهر الغدر والخيانة وضيعت الأمانات بين الناس في المعاملات والعلاقات بينهم وضعفت الأخوة بين المسلمين فسفكت الدماء وحلت القطيعة والهجران وساءت الأخلاق وإن السبيل للخروج من هذه الفتن هو أن نفي بعهد الله بتقوية الإيمان والبعد عن الشرك وإقامة فرائض الدين وتزكية النفوس بالأخلاق الفاضلة ومراقبة الله والتطلع والشوق إلى جنته وأن نكون أوفياء لدينه، أوفياء مع بعضنا البعض، أوفياء للحق الذي نحمله، وقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم العهود.