الدكروري يكتب عن أقوى الأدوية لدفع البلاء بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وبعد، إن مما يستدفع به البلاء هو الصبر، وهو واجب بأن يحبس نفسه قلبا ولسانا وجوارح عن التسخط، فقال صلى الله عليه وسلم “عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له” رواه مسلم، ومما يستدفع به البلاء أيضا هو الاستغفار، وقد ندب الشارع إلى الاستغفار لأنه مما يدفع البلاء ففي حديث الخسوف “فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره” متفق عليه.
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام “إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائةَ مرة” رواه مسلم، وذكر الله وتسبيحه مما يستدفع به البلاء فالذكر أنيس المكروبين، وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا نزل به كرب قال “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب العرشِ الكريم” رواه البخاري، وقال ابن القيم رحمه الله “ما ذكر الله على صعب إلا هان، ولا على عسير إلا تيسر، ولا على مشقة إلا خفت، ولا على شدة إلا زالت، ولا على كربة إلا انفرجت” والدعاء بتضرع وإلحاح من أقوى الأدوية لدفع البلاء قبل نزوله وبعد نزوله، فقال سبحانه وتعالى ” أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء” وقال ابن القيم “الدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله”
وإن صلة الرحم والصدق وخصال البر سبب لزوال البلاء، فقالت السيدة خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي وخشى على نفسه، قالت له “كلا والله، لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق” رواه البخارى، وقال العينى “فيه أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب للسلامة من مصارع الشر والمكاره، فمن كثر خيره حسنت عاقبته، ورُجى له سلامة الدين والدنيا” وقال الكرمانى “والمكارم سبب لدفع المكاره” والصدقة من أهم أسباب دفع البلاء، فقال أبوسعيد الخدرى رضي الله عنه، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء، فقال “يا معشر النساء، تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار”متفق عليه.
وفي هذا الحديث أن الصدقةَ تدفع العذاب” وقال ابن القيم “للصدقة تأثير عجيب فى دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم، بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء، وقال أيضا في الصدقة فوائد ومنافع لا يحصيها إلا الله تعالى فمنها أنها تقي مصارع السوء، وتدفع البلاء حتى إنها لتدفع عن الظالم” فاتقوا الله فمن عامل الله بالتقوى والطاعة في حال رخائه عامله الله باللطف والإعانة في حال شدته، فقال أبو سليمان الدارانى “من أحسن في ليله كفى في نهاره” والتوبة والرجوع إلى الله تحط السيئات وتفرج الكربات، وإن من الأدوية التي تشفي من الأمراض ما لم يهتدى إليها عقول أكابر الأطباء، ولم تصل إليها علومهم وتجاربهم من الأدوية القلبية والروحانية وقوة القلب واعتماده على الله والتوكل عليه، والالتجاء إليه، والانطراح والانكسار بين يديه، والتذلل له.