
بعنوان
هنيئا لمن أدرك رمضان.
بقلم محمد عبدالرحيم مخيمر
إن رمضان مدرسة عظيمة ، وجامعة عريقة ، تخرج الأجيال، وتربى الأمم والمجتمعات ، وفيه من الدروس ما تُصقل بها النفوس ، وتسمو بها البشرية ، فهي دروس واضحة ساطعة ناصعة لمن له بصر أو بصيرة..
رمضان لم يكن في يوم من الأيام مرتعاً للكسالى ، وسكناً للنومى ، وتكأة يتعذر بها كل بليد كسول ، بل هو شهر للجد والعمل ، وتكثيف الجهد والبذل ، وموسماً للتراحم والتكافل ، ولعل إطلالة سريعة على تاريخ المسلمين نتدارك من خلالها كيف حال رمضان فيها ، وكيف أن (بدراً) و (ويرموكاً) و (حطيناً) و (عين جالوت) كلها وغيرها كانت في رمضان.. !
رمضان .. فرصة مناسبة للصادقين في التغيير ، ووقتاً لن نجد أفضل منه للإصلاح ، وأول إصلاح وتغيير لمن يرومه هو إصلاح الذات والنفس.. فرمضان يعلمنا أن في نفوسنا قدرة ، وقوة ، لا تقف في وجهها صعاب ، ولا يعوقها سدود ، ولكنها.. فقط.. إذا أرادت وعزمت.. !!
انظر لأحوال الناس بين آخر شعبان ، وأول رمضان ، كيف يتغير المجتمع برمته ، فتكتظ المساجد ، وتعظم الصدقات ، ويتنافس القراء والصوام والقوام في الخير ، وذلك كله في أقل من ليلة واحدة.. ! فهل هذه النفوس عاجزة عن الإصلاح والتغيير لو صدقت.. ؟!
رمضان .. يذكر المسلمين بحقوق إخوانهم وجيرانهم ، فالمجتمع الذي لا يرحم الفقير لا خير فيه ، وكيف يرحم فقيرا ، أو يطعم جائعاً من لا يعرف الجوع ولا الحاجة !! فكم من بطون سدت جوعتها ، وحاجات كفيت مئونتها ، وبلايا كشفت ، في هذا الشهر الكريم.
رمضان .. يربي النفوس على الإخلاص لله – تعالى -فيما تأتي وتذر ، وأن يكون المقصد هو الله وطلب رضاه.
أترى ذاك الصائم الجائع العطشان ، في شدة الحر ، وفي جهد العمل ، أتراه في خلوة نفسه وهو يقدر على جرعة ماء لا يعلمها إنس ولا جان ولكن يمنعه خوفه من الديان.. ! فيا لها من مراقبة.. وما أجلها لو استشعرناها ، وداومنا عليها!
رمضان .. يعلمنا العبادة ، وصدق اللجوء إلى الله ، وتنقية النفوس ، وحفظ الجوارح، والإحسان إلى الناس ، ورحمة الخلق ، ومراقبة الخالق ودروساً لا يعلمها إلا من خلق هذه النفوس فسواها.
فهوالشهر الذي أنزل الله فيه القرآن ، قال تعالى : {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} [البقرة: 185].